إذا آلمك ضرسك كيف تظلم الحياة في وجهك وتصيح وتقول: كل شيء إلا الضرس، لماذا؟ لأنك لا تحس بأي ألم إلا ألم الضرس، ولهذا يضربون به مثلاً في تكاليف العرس التي تثقل كاهل الإنسان فيقولون: (العرس نزعة ضرس) يعني أهم عمل، وأهم وأثقل شيء عند الإنسان.
فالضرس الذي يسوس على الإنسان يجد له ألماً، لكن قبل أن يسوس عليك ضرسك، كم معك من أضراس وأسنان مركبة، صف من فوق وصف من تحت، وهي تشتغل بالليل والنهار، وبعض الناس لا يعطيها إجازة ولو ساعة، فهل هذه نعمة أم لا؟ إي والله نعمة من نعم الله العظيمة أن تبقى لك أسنانك سليمة باستمرار وأنت تستعملها، وتصور من قد خلعت له الأسنان وركب تركيبة.
يقول العلماء: إن هذه الأسنان هي القوة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب الله أن يمتعه بها في قوله: (ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا) لأن عليها وعلى وجودها يترتب أكلك للطعام، فالذي ليس عنده أسنان كيف يأكل الطعام؟ فمن الشيوخ كبار السن من يأكل الطعام ولا يحس له بطعم، والذي عنده تركيبة يأكل الطعام ويمضغه لكن ليس له طعم، فإن الطعم يأتي عن طريق إحساس الإنسان بلذة الطعام عن طريق الأضراس.
فهذه نعمة ضرسك الموجود، وليس هو ضرساً واحداً؛ بل اثنين وثلاثة وأربعة والضواحك والأنياب والثنايا، ولو تعطل منها ضرس واحد لتغيرت عليك حياتك، وقد عافاك الله فيها، فله الحمد والمنة.