في أثناء الحياة الزوجية لا يمكن أن يحصل تطابق وتوافق (100%) بين الزوجين، مستحيل أن تجد رجلاً وامرأة متوافقين (100%)، لا بد أن يكون هناك فروق فردية بين الرجل وبين المرأة؛ لأن الله جعل الناس هكذا، ولذلك خلقهم مختلفين، وهذه آية من آيات الله الدالة عليه، أنه خلق الناس مختلفين، ولو أتيت الآن على وجه الأرض فإن نحو خمسة آلاف مليون نسمة، لو جعلتهم كلهم في حوش واحد وأخرجتهم واحداً واحداً ما وجدت اثنين سواء أبداً في الشكل، لا يوجد واحد يشبه الثاني (100%)، لا يوجد واحد يطابق الثاني في البنان، الآن البصمة التي تؤخذ من الناس من أجل إذا كرر جناية يعرفون هل له سابقة عن طريق هذه البصمة؛ لأنه لا يوجد اثنان في الدنيا تتفق بصماتهم، والله يقول: {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} [القيامة:4] فهذا إعجاز منه تبارك وتعالى، وقدرة عظيمة أن خلق الناس كلهم مختلفين، والرجل يختلف عن المرأة، فإذا جاء الزوجان يعيشان تحت ظل واحد، وتحت سقف واحد وفي بيت واحد وفي مجتمع واحد صغير في لبنة واحدة وفي أسرة واحدة لحصل هناك نوع من الفروق، من أول الأسبوع أو من أول ليلة يجد أنها إنسانة غريبة، قد ينكر عليها حتى طريقة النوم، أو ينكر عليها طريقة الأكل، أو ينكر عليها طريقة الحديث، أو ينكر عليها طريقة المفاهمة والمخاطبة، فيحصل نوع من عدم الانسجام، وتحصل ردود أفعال.
فينبغي أولاً: أن يوطن الإنسان نفسه على استيعاب تلك الفروقات، وعلى احتواء تلك الفوارق بين الرجل وبين المرأة؛ حتى يحصل اندماج وانسجام، قد لا يكون في الشهر الأول ولا في الشهر الثاني، ولا في الشهر الثالث قد يكون بعد سنة، وأحياناً يكون الانسجام من أول ليلة؛ لأنه يكون الفرق بسيطاً، ولذلك ترون المرأة تسكن في بيت زوجها من أول ليلة، بل في الأسبوع الأول إذا سكنت في البيت عند زوجها وقُدمت لهم دعوة بعد أسبوع أو أسبوعين من الزواج لزيارة الوالدين، دخلت في بيت أبيها الذي عاشت فيه عشرين سنة أو خمسة وعشرين سنة وكأنها لم تعش فيه ليلة واحدة، غريبة وإذا جلست جلست وهي متحفزة هكذا لا تستريح، لماذا؟ مستعجلة تريد أن تمشي، وإذا طلب منها أو قيل لها: افعلي لنا شاي دخلت المطبخ وكأنها ما عرفته، تنادي أمها وتقول: أين أدوات المطبخ حقكم؟ عجيب حقنا! وأين أنتِ مدة حياتكِ، نسيت كل هذه الأدوات بجلسة يوم أو أسبوع في بيت زوجك، نعم.
وبعدما تنتهي تراها تطالع في زوجها وفي الساعة، وتقول له: هيّا لنذهب، لكن بعض الأمهات عندها نقص في التفكير تقول: للبنت اجلسي هذه الليلة معنا، وتطلب من زوجها أن يدعها تنام معها، البنت لا تريد، والله لو تفرش لها ذهباً لا تريد ذلك، فتقول لها: نامي معنا.
تقول البنت: إن شاء الله آتي لكم مرة ثانية، لأنه لا يأتيني نوم إلا في بيتي، لماذا؟ لإنه حصل وفاق وسكن، وهذا معنى قول الله عز وجل: {لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} [الروم:21] لا تسكن المرأة مع الأم، ولا تسكن نفسياً مع الأب، ولا تسكن المرأة مع الوظيفة، ولا تسكن مع الرصيد، ولا تسكن مع الشهادة، ولا تسكن مع شيء، لا تسكن إلا مع الزوج، نصف يبحث عن نصف، فإذا وجد النصف الثاني سكن.