هناك مفاهيم أخرى للإجرام، فمن لا يصلي مجرم، وهذه جريمة من طراز قوي جداً أعظم من جريمة القاتل والزاني والسارق وترويج المخدرات، لماذا؟ لأن القاتل إذا قتلناه نصلي عليه، لماذا؟ لأنه مسلم، القاتل ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب ونصلي عليه ونغسله ونكفنه ونقبره مع المسلمين، ويرجى له عند الله المغفرة، لكن تارك الصلاة إذا مات مات مرتداً، لا يُآكل، ولا يشارب، ولا يجالس، ولا يسلم عليه، ولا يزار إذا مرض، ولا تتبع جنازته، ولا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مدافن المسلمين، لماذا؟ لأنه مرتد كافر -والعياذ بالله- تارك الصلاة مجرم.
قد يقول شخص منكم: ما يدرينا أنه مجرم؟ أقول لك: مجرم بنص القرآن، ليس من رأسي، قال الله عز وجل: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر:38] يعني: يوم القيامة، كل واحد مرتهن بكسبه، كل نفس أنا وأنت وكل من على وجه الأرض وكل من سيأتي وكل من مات إلى يوم القيامة {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [المدثر:38] أي: بما عملت {رَهِينَةٌ} [المدثر:38] لا تلم أحداً، لا تلم إلا نفسك، والله لا تأخذ حسنات غيرك ولا يأخذ أحد من سيئاتك شيئاً، والله إنها لك إن هي خير أو شر {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت:46] {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر:38] * {إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ} [المدثر:39]-اللهم اجعلنا جميعاً منهم- أين هم هؤلاء؟ {فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ} [المدثر:40].
من ضمن النعيم الذي يعطي الله لأهل الجنة أنهم وهم على الأسرة والأرائك، والنعيم، والقصور، يشرفون والأنهار تجري من تحتهم، والحور والولدان يخدمونهم وهم في نعمة يتساءلون يتحادثون، وقد ذكر الله هذا في القرآن في أكثر من مرة {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ} [المدثر:38 - 41] وهم في النار؟ {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} [المدثر:42] ماذا أتى بكم إلى هنا؟ {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر:43] نعم.
يعني: الذي لا يصلي ماذا يصبح؟ مجرم.
ولا يجوز له -أيها الإخوة- أن يتزوج بمسلمة؛ لأنه مرتد ومن شروط زواج المسلمة ألا تتزوج إلا مسلماً: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء:114] (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة:10] لا تحل المسلمة للكافر بأي حالٍ من الأحوال، فلا يجوز أن تزوج شخصاً لا يصلي، وإذا تزوج وهو يصلي ثم ترك الصلاة فيما بعد، انفسخ العقد وبطل النكاح وحرمت الزوجة عليه، وحرم على وليها أن يبقيها في بيته، وحرم عليها أن تبقى ويعاشرها، وإذا جامعها فإنما يجامعها زنا، وأولادها بعد ذلك أولاد سفاح، ولا يحتاج الأمر إلى طلاق، فلا طلاق للكافر، يفسخ العقد عند القاضي فسخاً بالقوة، وهذا يقام عليه الحد، تارك الصلاة مرتد، كافر، مجرم، هل يفهم الناس هذا في هذا الزمان؟ ما أكثر المجرمين -الله المستعان- بل في بيوت بعض الناس تجده يعرف أن أولاده لا يصلون وساكت، لماذا؟ قال: الولد موظف، لا نريد نقول له: صلِّ بعد ذلك يخرج ويذهب بالراتب، ونحن نريده يصرف علينا، يصرف عليك وهو مجرم! من الذي رزقك قبل الولد؟ من الذي خلقك؟ من الذي رزقك بالولد نفسه؟ تحول اعتمادك من الله على هذا؟! لا إله إلا الله! والله يقول: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه:132].