السبب الثاني: أن ميدان الثبات وحَلَبة السباق فيه: القلوب: والقلوب أمرها بيد الله، وهي حساسة وكثيرة التأثُّر، وسريعة التغيُّر، بحسب العوامل والمؤثرات التي ترد عليها.
وما سُمِّي الإنسانُ إلا لنسيهِ ولا القلبُ إلا أنه يتقلبُ
فالقلب ينتابه حالات كثيرة جداً من التغيرات، فالإنسان الميدان الحقيقي وحَلَبة الصراع هي داخل قلبه وليس شيئاً مادياً ينفقه.
فلو كانت القضية معلقة بالعين لكان في إمكان الإنسان أن يغمضها، أو في اليد لكان في إمكانه أن يكفها، أو في الأذن لكان في إمكانه أن يحفظها، أو في الرِّجل، أو في أي جارحة، لكن القضية في القلب، والقلب كيف تدخل عليه؟ صعب، فالقضية معلقة بالقلب؛ ولصعوبة الأمر ولأن الجوارح كلها تنطلق بتصرفاتها من توجيهات القلب -إما بالإيجاب أو بالسلب وإما بالخير أو بالشر- كان من الضروريات أن تحرص باستمرار على ثبات قلبك على دين الله.
فمتى ثبت القلب على الدين ثبتت كل الجوارح، ومتى انصرف القلب وزاغ عن الدين انصرفت كل الجوارح؛ لأنها تابعة له وهو الموجه والمسيِّر لها، إما بالحسن أو بالسيئ.