إن الذي يحب الله ورسوله يحب أوامر الله ورسوله، ورد في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما) أي: أن طاعة الله مقدمة ومحببة إليه قبل كل شيء، ولذا إذا تعارضت أوامر الله مع أوامر أي مخلوق كائناً من كان، يُقدم أمر الله، لا يوجد مفاضلة ولا مقارنة بين أمر الله وأمر أحد.
من الناس من يريد أن يحجب زوجته، فإذا قال لها: الحجاب هذا أمر الله، نحن سمعنا في المواعظ والندوات أنه يلزمك أن تحتجبي عن الرجال الأجانب، وأخص الأقارب الذين هم غير محارم: الحمو وابن العم وابن الخال وابن العمة وابن الخالة، والأقارب الذين ليسوا بمحارم؛ لأنهم الحمو وهم الموت، فالمرأة حينما تسمع الكلام هي أحد امرأتين: إما صالحة مؤمنة تخاف الله، وترجو ما عند الله، وتقول: جزاك الله خيراً، والله أنا لا أريد التكشف ولا التبرج، هذه جوهرة نفيسة.
أو قد تكون امرأة فاجرة لا تريدك لوحدك، تريد أن تتكشف لك ولغيرك، وأنت تريدها لك، وهي تقول: أريد أن أكون لك ولغيرك، ماذا تقول لك؟ تقول: ماذا فيك؟ من الذي أخبرك بهذا الكلام؟ تريد أن تتدين الآن، أنا بنت فلان لا أحد يقول عليَّ شيئاً، لو أمشي بين (الطوابير) فلا أحد يقول في عرضي شيئاً، وأنت تريد أن تضع العيب عليَّ، تريدني أن أغطي وجهي، فتحدث له المرأة بالكلام هذا هزة ورجة، إن كان ثقيلاً وصاحبَ إيمان ومن طلاب الآخرة، قال: ليس عندي لعب، إما الحجاب أو الباب، هذا إن كان مؤمناً من أهل الجنة ومن أهل الآخرة إن شاء الله.
وإن كان مهزوزاً ضعيفاً، هزته ورجته، قال: صدقتِ والله، الدين في القلوب، والله إنكِ صادقة، وأنتِ فيكِ خير يا بنة الحلال، فهذا مسكين، لماذا؟ لأنه قابل أمر الله بأمر المرأة، وتغلب أمر المرأة عليه، تغلب أمر المرأة على أمر الله فهذا عبد الزوجة (تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار، تعس عبد الخميلة، تعيس عبد الخميصة، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش).
ما هي العبودية؟ العبودية طاعة، إذا أطعت أحداً من دون الله فهذه عبودية في معصية الله، فلا يجوز لك أن تقابل أمر الله تبارك وتعالى مع أمر غيره، بل الأمر الأول والأخير لله تبارك وتعالى.
(أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله) يبني علاقاته مع الآخرين على أساس من عقيدته ودينه، فلا تربطه بالناس رابطة نسب، ولا مال، ولا زمالة عمل، إنما رابطة عقيدة ودين، فصاحب الإيمان أخ له ولو كان من بلاد الهند، وصاحب الكفر عدوٌ له ولو كان أخوه من أمه وأبيه، لماذا؟ لأن جنسية المسلم عقيدته، وهويته إيمانه ودينه، هذا معنى المؤمن الذي يحب المرء لا يحبه إلا في الله.
ولكن احذر الشباب الملتزم الطيب، لأن من الناس من يلبس في قضية الحب في الله، ويجعل ظاهرها حباً في الله وباطنها حباً في الشيطان، يحب زميلاً له؛ لأنه معجب بصوته وبشكله؛ أو لأنه يأخذه بالسيارة يمشيه؛ أو لأنه يغديه ويعشيه، فيحبه، ويقول: أحبه في الله، لكن لو انقطع العشاء لم يعد يحبه في الله، ولو انقطعت التمشية لا يحبه، لا.
الحب في الله هدف، وهذه كلها حواشي جاءت أو ذهبت.
والثالثة قال: (وأن يكره أن يعود إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار) وهذه تمثل قاعدة الثبات على دين الله، ليس عنده تراجعات، فيمشي للأمام ولا يعرف الخلف، لكن (المبنشر) ليس عنده إلا الخلف، الشيطان يسحبه ويرمي به في جنهم والعياذ بالله.
المحبة في الله (إكسير) الدنيا، وطعم الحياة؛ ولذا كان العنوان "لقاء مع الأحبة" وما دمنا في لقاء الأحبة، فإنه يحسن أن نضع بعض الوصايا التي ينبغي أن نوصي بها الأحبة: