Q ما هو الكذب الجائز؟ وما هي التَّورِية؟
صلى الله عليه وسلم الكذب الجائز، كما روت أم كلثوم، والحديث في صحيح البخاري وصحيح مسلم، قالت: [ليس الكذاب الذي يُصلح بين رجلين] فيجوز الكذب في الإصلاح، ويجوز الكذب في الحرب، ويجوز الكذب على المرأة فيما ليس له علاقة بحقوقها، فيكذب على المرأة، ويقول: أنا أحبك، وأنت عندي مثل الدنيا كلها، وطعامك جيد، ورائحة البيت ممتازة، والأولاد نظيفون، فهذا وإن كان كذباً إلا أن فيه مصلحة؛ لأن يدفعها ويشجعها، فالمرأة دائماً تحب المدح، ولا تحب الذم، فعندما تأتي على طعام ليس بجيد وتقول: ماذا فعلتِ حتى صار هكذا؟! كيف صنعتِ؟! متى تعلمت هذا؟! فسوف تأتي في الغد وتصنع أحسن طعام، أما إذا صنعتْ طعاماً ليس بجيد، وأظهرت لها أنك لا تستسيغ تذوقه، وقلت لها: لماذا هذا الطعام هكذا؟! فإنك تخرِّب في نفسها، ولن تجد منها شيئاً جيداً، فكذبك عليها في سبيل تقويمها وإصلاحها طيبٌ، أما أن تأكل حقها، أو تضيِّع حقوقها الواجبة، فتكذب عليها، فهذا لا يجوز في الشرع؛ لأن الكذب له حدود.
أما التَّورِية: أن يقول الإنسان كلاماً فيُفهم منه بغير ما أراد هو، فهو أراد شيئاً، وفُهم عنه شيء آخر؛ لكنه ما كذب، وذلك كما قلنا عن ذلك الرجل الذي كان عنده في بيته غرفة اسمها: دِمَشْق، فكان إذا جاء شخص ودق الباب عليه قال لزوجته: قولي له: هو في دمشق، وذهب إلى الغرفة، فيفهم الطارق أنه في دمشق، وهو في غرفة دمشق، فما كذب؛ لأنه في دمشق فعلاً، فقد سمى غرفته دمشق؛ لكنه ليس في دمشق التي فهمها ذاك الطارق، فهذه تسمى التَّورِية.
وفي المعاريض والتَّورِية مَنْدُوحة عن الكذب، ولكنها ليست على الإطلاق، إنما عند الضرورة، فإذا اضطر الإنسان فإنه يجوز له، أما إذا لم يضطر فلا ينبغي له.