Q يقول الأخ الكريم: إنه قرأ في مجلة الدعوة سؤالاً موجهاً للشيخ عبد العزيز بن باز، عن وجود مسجد، وفي نهايته أرض يريد السائلون إقامةَ مبنىً مُسَوَّرٍ، يصلي فيه النساء، ولا يَرَين الإمام، ولا يَرَين مَن يصلي خلفه، فهل تصح الصلاة؟ فذكر وقال: إن الشيخ أجاب وقال: إن في المسألة خلافاً بين العلماء، إذا كُنَّ لا يَرَين الإمام ولا يرين مَن وراءه؛ ولكن يسمعن التكبير، وقال الشيخ: إن الأحوط ألا يصلين في هذا المكان، وأن عليهن أن يصلين في بيوتهن خروجاً من الخلاف.
فيقول: ما رأيكم فيما هو حاصل في معظم مساجد أبها ومنها هذا المسجد، فإن المسجد الآن فيه ملحق وفيه النساء، ولا يَرَين الإمام، ولا يَرَين مَن يصلي بعده؟!
صلى الله عليه وسلم حكمها مثلما أجاب فضيلة الشيخ ابن باز؛ لكن القضية كما ذكر سماحته قضية خلافية بين العلماء: فمن العلماء مَن أجاز مثل ذلك.
ومنهم مَن منعه.
والشيخ عبد العزيز أخذ بالأحوط وهو المنع؛ ولكن الجواز وارد على لسان أهل العلم.
ونقول نحن كما جاء في الأحاديث الصحيحة: (إن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد، وصلاتها في غرفتها أفضل من صلاتها في بيتها، وصلاتها في مخدعها -أي: في مكان نومها- أفضل من صلاتها في أي غرفة من غرف بيتها) لأن المرأة كلما اختفت واستترت بعبادتها كان فضلها وأجرها عند الله أعظم؛ ولكن إذا كان حضورها للمسجد ليس للصلاة فقط وإنما لسماع العلم مثلما هو حاصل الآن، فإن المرأة لا تأتي إلى هذا المسجد للصلاة، وإنما تأتي لغرض حضور مجلس العلم، وبالتالي تصلي مع الإمام المغرب والعشاء.
فنقول: ما دام أن هناك مصلحة راجحة من وجود المرأة في مجالس العلم لسماع العلم؛ ولأن الأمة تفتقر إلى الداعيات في صفوف النساء، والمرأة لها دور كبير في الدعوة فنحن نقول: إن شاء الله لا بأس بصلاتهن في المسجد في مثل هذا المسجد، وصلاتهن إن شاء الله صحيحة، وعليهن أن يقتدين بالإمام في صلاة المغرب والعشاء، ولكن بشروط: أولاً: أن تكون نية المرأة من حضورها إلى المسجد خالصة لوجه الله: لا تكون نيتها المباهاة، والرياء، والإخبار بأنها كانت البارحة في المسجد، وإنها حضرت البارحة إلى المسجد، فبعض النساء تتمدح بمثل هذا، ولا تدري أحضرت أم لم تحضر! أقُبِل عملها أم لم يُقْبَل! ثانياً: أن تأتي بغير أطفالها، وقد تقول: الأمر صعب؟! نقول: مثلما إذا كنتِ في مدرسة، هل تداومين بأطفالك في المدرسة؟! اتركيهم في البيت، فإذا كنت في المدرسة فإنك تتركينهم من الصباح إلى الظهر، بينما في المسجد من المغرب إلى العشاء، فاتركيهم في البيت.
إذا قالت: ما عندي أحد، نقول: اجلسي في البيت، واستمعي للشريط؛ لكن أن تأتي بالأطفال في المسجد فهذا مستحيل أن تنتفعي مع وجودهم؛ لأن الطفل مشغلة لأمه، يشغلها بالبكاء، وغير ذلك.
فإذا كان عندها طفل فلا تأت به، وكثَّر الله خيرها، وجمَّل الله حالها، وإذا أرادت أن تسمع فلتشتر الشريط.
ثالثاً: أن تصغي إلى سماع العلم، وألا تشتغل بالكلام والسلام والمحادثة مع النساء:- فإن بعض النساء لا يجدن بعضهن إلا في مثل هذه الحلقات، فواحدة ساكنة في المنهل، والأخرى في اليمانية، وواحدة في شمسات، وواحدة في رصد، وواحدة في الشرف، وفرصة التجمُّع والكلام في هذه الندوة: هاه! بشريني، كيف حالك؟! وهل أنت بخير؟! وكم معك من الأولاد؟! وأين أنتم تشتغلون؟! وكيف الحال معكم؟! وظلت تتكلم معها، وتقول: إني أحضر مجالس العلم، وإني كنت البارحة في الندوة! الله أكبر! ما هذا الحضور! ليتك ثم ليتك ما حضرتِ، لماذا؟! لأنكِ أعرضت عن ذكر الله؛ لأن الإعراض عن ذكر الله يقول الله فيه: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً} [طه:124] أنتِ جئتِ لتستمعي، ولم تأتِ لتعرضي! فإذا كنت جئت من أجل أن تنشئي كلاماً فارغاً، وتكتسبي ذنباً، فالأَولى ألا تحضري، واجلسي في البيت، واستمعي إلى الشريط.