Q ما هو الفرق بين الغلو والغلول؟
صلى الله عليه وسلم الغلو: الزيادة وتجاوز الحد في دين الله بإحكام شيء ليس من دين الله.
والغلول: أخذ شيء من بيت مال المسلمين بغير حق.
والغلو: التنطع، والتشدد -التطرف كما يسمى- طبعاً ليس على مفهومهم الآن في المجتمعات المنحلة، فعندهم المتطرف يعني الذي يصلي إذا رأوه يصلي في المسجد قالوا: هذا متطرف، يصلي في المسجد.
وإذا رأوه أطلق لحيته قالوا هذا متطرف ترك لحيته، وأنتم؟ قالوا: نحن والحمد لله مسلمون نصلي في البيوت ونحلق لحانا.
لا أنتم متطرفون، وذاك ليس متطرفاً بل هو المعتدل، المعتدل هو الذي يتقيد بشريعة الله، والمتسيب هو الذي يترك دين الله، والغال هو الذي يأتي بدين ليس في دين الله، كأن تقول له: تعال عندنا للعشاء، قال: وما عشاكم؟ قلنا: عشانا رز ولحم قال: لا.
هذه تقسي القلب، أنا لا آكل إلا الشعير، هذا غلو في دين الله، والله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة:172].
يقولون له: تزوج قال: لا.
أريد زوجاً خيراً منهن في الآخرة، نقول له: لا.
هذا غلو، الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أفضل من عَبَدَ الله كان يتزوج، يقول: (إني أتقاكم وأخشاكم لله، ولكني آكل اللحم، وأتزوج النساء، وأصوم، وأفطر، وأنام، وأقوم؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني) هذا غلو.
يقال له: استعمل الكهرباء، قال: لا.
هذه الكهرباء ليست جيدة، وهذه الكهرباء لن تدخل بيتي، لماذا؟ يقول: هذه التي جلبت لنا الشر، فالناس يشغلون عليها الأغاني، والتلفزيونات، والمنكرات، ولهذا أنا لا أحب الكهرباء، حسناً على هذا فالهواء الذي تستنشقه الآن الناس الذين يعصون الله يستنشقونه، أليس كذلك؟ فلا تستنشق الهواء؛ لأن العصاة يستنشقونه، ولا تشرب الماء؛ لأن العصاة يشربونه، ولا تأكل الطعام، وبالتالي تنتهي وتموت.
يا أخي! هذه الكهرباء نعمة من نعم الله، من استغلها في طاعة الله فعليه من الله الرحمة، ومن استعان بها على معصية الله، فالله الذي يحاسبه يوم القيامة، أما أن تقول: لا! بعضهم في بيته يقول: لا تضع مروحة، فهي تشغلك عن ذكر الله وتبرد عليك في بيتك، فهل هذا اسمه غلو والله قد قال: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النساء:171].
والغلول كما قلت لكم: هو أخذ شيء من بيت مال المسلمين بغير حق، ويدخل فيه هدية الموظفين.
فإذا كنت مديراً أو ضابطاً، أو مسئولاً، ويوجد من المراجعين من له معاملة عندك، ويريدها أن تنجز ولكنها تعقدت، ويعرف أنه لو أتى بطريقة مكشوفة وأتى يريد أن يعطيك مالاً فيمكن ألا تقبل؛ فيعطيك هدية، فتقبلها وطبيعي أن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها، فإذا أعطاك هدية في الليل، جئت في الصباح تسأل عن معاملته، أين معاملة فلان؟ أنجزوها فهذا رجل فيه خير، الله يبارك فيه! لماذا؟ لأنه في الليل أتاه بخروف في البيت.
وأحدهم مدير مدرسة أتاه أبو الولد، وقال: رمينا لكم بلحمة في البيت، قال: وما هي اللحمة قال (طلي) والله ما شريته لكن من وسط الغنم، أبشرك من فضل الله علينا سارحة من البيت، وأتينا بخروف للعيال، لماذا؟ لأنه قبل الامتحانات، والولد تحصيله العلمي ليس جيداً، فأعطاه.
ومن يوم أن رآه ومدير المدرسة في الامتحانات يوصي المدرسين ويقول: انتبهوا فهذا يهمنا أمره؛ لأن الثلاجة مليئة باللحمة من أبيه.
فهذه رشوة، فهل قام هذا الرجل صاحب الغنم ووزع على كل المسلمين خرافاً؟ أم أعطاك أنت أيها المدير؛ لأن ولده عندك، وإذا نجح الولد وأصبح في المتوسطة هل سيأتي في الابتدائية ويعطيك خروفاً؟ والله لا يعطيك شعرة، وبعضهم يأتي بصندوق تمر، وصندوق زبيب، وكعك بالسمن والعسل، لكي تمشي المعاملة، هذا اسمه رشوة وهي أمحق وألعن من الرشوة الصريحة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم غضب على عبد الله بن اللتبية لما استعمله على الزكاة فرجع من الزكاة وهو يقول: هذا لي، وهذا لبيت مال المسلمين، قال: من أين لك؟ قال: أهديت إلي -ما هي التي أهديت له؟ شملة- فغضب صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً حتى لكأنه يفقع في وجهه حب الرمان، ونادى الصلاة جامعة، ثم قال: (ما بال أقوامٍ نستعملهم على الزكاة فيعودون ويقولون هذا لبيت مال المسلمين وهذا أهدي لنا، أفلا قعدوا في بيوت أمهاتهم وآبائهم، أكان يأتيهم شيء؟) لا.
إلا رجل تتهادى أنت وإياه بسبب قبل الوظيفة وبعد الوظيفة، بينك وبينه صلة صداقة، أو رحم أو جيرة وبينك وبينه هدية، فإذا أتى إليك أهداك، وإذا أتيت إليه أهديته، ثم صرت أنت في منصب واستمرت الهدية وليس لها أي مصلحة عندك، فهذه ليس فيها شيء، لكن من له مصلحة عندك فحديث النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (هدايا العمال -المسئولين- غلول) والله يقول: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران:161].
نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الأغنياء بدينه إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، وأسأل الله لنا ولكم العافية في الدنيا والآخرة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.