أعمال تنافي الإيمان

وأذكر بعض ما ينافي الإيمان على سبيل الاختصار: الكذب: الكذاب ليس بمؤمن الذي يكذب على مديره، أو موظفيه، أو زوجته، أو أولاده، أو إخوانه، هذا الكذاب يقول الله عز وجل فيه: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} [النحل:105]، كان النبي صلى الله عليه وسلم عند امرأة فقالت لولدها: تعال أعطيك تمرة، فجاءها فأعطته تمرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما إنك لو لم تعطه لكتبت عليكِ كذبة) ليس هناك داع للكذب، لماذا تكذب أصلاً؟ لو احترقت الدنيا كلها لا تكذب، وكن واضحاً، فإذا جئت متأخراً في الدوام، وسئلت: لماذا؟ فقل: نمت ولا تقل: بنشر إطار السيارة،.

فتبنشر على جسر جهنم؛ لأنك خفت هذا وما خفت الله.

وبعضهم يخرج من الدوام ويأتي المدير يبحث عنه أثناء الدوام فيسأله: أين كنت؟ يقول: في الحمام تريدني أستأذن منك حتى في الحمام؟ وهو قد كان في السوق يتبضع يوم الثلاثاء ويريد أن يأخذ قسمه من السوق، ثم مرت الأيام وبعد يومين أو ثلاثة وإذا بواحد من زوار المدير أو من زملائه أو من جلسائه في مجلس من المجالس، قال: أما زال فلان عندكم؟ قال: نعم.

قال: ما شاء الله، كنت أظنه قد استقال.

قال: لماذا وما يدريك به؟ قال: رأيته أمس في السوق، يتبضع الله يوفقنا وإياه.

قال: متى رأيته؟ قال: الساعة الحادية عشرة.

قال: أمس الساعة الحادية عشرة كان في الحمام.

ويدعوه المدير في اليوم التالي، ويقول: تعال يا فلان! أين كنت أمس، في الحمام أو في سوق الثلاثاء.

قال: والله الذي لا إله إلا هو إني كنت في الحمام.

فماذا تقولون لهذا؟ وإذا أتت الصلاة ذهب ليصلي، فهذا مستهتر بالله كذاب، والكذاب ليس فيه خير، لكن ما عليك إذا خرجت بدون إذن ورجعت إلى المدير ودعاك، وقال: أين كنت؟ قلت: والله كنت في السوق.

فيقول: لماذا تخرج بدون إذن، هل العمل فوضى؟! فتقول: لا والله ما هو فوضى، لكن استحيت منك وخفت أن أطلبك فترفض، وإذا رفضت وخرجت بعد الرفض تصير العقوبة عقوبتين، فقلت: سأنزل، فإن رجعت ولم تعلم بخروجي سلامات والحمد لله، وإن كشفتني فالله يعينني على الجزاء، فهذه أبسط والله مليون مرة من أن تقول له: والله الذي لا إله إلا هو إنني ما خرجت، لماذا؟ لأنه باليمين سيصدقك، لكن من داخل قلبه يكذبك، ويقول: فلان صادق ليس له مصلحة في أن يخبرني عنك، وبعدها تسقط من عينيه إلى يوم القيامة عرف أنك كذاب، لو تأتي غداً بخبر صادق مائة بالمائة لقال: كذاب؛ لأنه قد جرب عليك كذباً، لا تخاف الله، ولا تحترم أوامر الله عز وجل، قال تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النحل:105] {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} [النحل:105] فالغش مُنافٍ للإيمان، يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث، والحديث في السنن: (يطبع المؤمن على كل شيء إلا الكذب والخيانة) فيمكن أن يكون جباناً، أو بخيلاً، أو عنده بعض صفات النقص؛ فالكمال لله، لكن يستحيل أن تجد في المؤمن خصلتان هما: الكذب والخيانة، فلا يعقل أن يخونك سواء علمت أو لم تعلم؛ لأن الخيانة مضادة لصفات المؤمنين، يقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال:27] وفي الحديث يذكر صلى الله عليه وسلم صفات المنافقين والحديث في صحيح البخاري وصحيح مسلم فيقول: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان).

كذلك الوعد: فوعد المؤمن صادق، وإذا أرغم على إخلافه كان ذلك بمبررٍ شرعي وبعذر مقبول، وقبله يستبيحه، أما أن يقول: طيب ولا يأتي، لا.

فإنه يسهل عليك ألف مرة أن تقول: لا.

قبل الموعد ولا تخلف بعد الموعد، فإنك تستطيع أن لا تلزم نفسك، فتقول لأخيك لا أستطيع يا أخي! أتريدني أن أقول: حسناً ثم أكذب؟ لا.

أقول لك: لا.

أحسن مما أشغلك وأشغل نفسي.

فهذا أحسن لك وأحسن للناس.

ذكر الله عز وجل من علامات المؤمنين، الخوف من الله عند ذكره، فقال عز وجل: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال:2 - 4].

هذه مجمل صفات الإيمان وإلا فهي كثيرة جداً جداً، وما عليك -يا أخي- إلا أنك كلما مررت بصفات المؤمنين تقف عندها وتراجع نفسك وتسأل أين أنت من هذه الصفات؟ فإن وجدت أنك معها وأنك تدور في فلكها؛ فاعلم أنك مؤمن ولا يخالطك شك، وكن فقط في حالة من الخوف والرجاء خوف أن لا يقبل الله منك، ورجاء أن يقبل الله منك، وإلا فإن الله عز وجل لا يضيع عملك، يقول الله عز وجل: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران:195] ويقول: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ} [التوبة:105].

فلسنا والحمد لله في حاجة إلى أن يعيش الإنسان في أوهام، وإنما عليه أن يثق بعدل الله، ويثق برحمة الله، ويتعرض للأسباب التي توصله إلى هذه العدالة، وهذه الرحمة، التي نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإياكم من المؤمنين إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015