أولاً: يبدأ الإنسان بحفظ جزء عمَّ، من سورة الناس إلى عمَّ يتساءلون، وهذا بإمكان الإنسان أن يحفظه خلال شهرين، ولا يتم الحفظ إلا على يد من لديه القدرة على ضبط قواعد التجويد، يعني: ليس هناك مانع، من أن يجتمع ثلاثة أو أربعة من الزملاء يتعارف بعضهم على بعض، وبعد ذلك يحددون لهم جلسة، إما في سكن أو بيت، وكل ليلة يجلسون عند واحد، وليس بالضروري كل ليلة، بل حتى ليلة في الأسبوع، أو ليلتين في الأسبوع، ويجلسون على كتاب الله.
من خلال جلوسهم مع بعضهم، يتعرفون على المتقن منهم، فيكون هو الذي يصحح لهم التلاوة ويبدأ كل واحد منهم الحفظ، ويسمعون لبعضهم البعض ما حفظوه، الله أكبر! (ما جلس قومٌ في مجلسٍ يقرءون القرآن ويتذاكرونه إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده) لكن: (ما جلس قومٌ في مجلسٍ لم يذكروا الله تعالى فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان عليهم هذا المجلس ترة ومسئولية يوم القيامة).
فكم من مجلس نجلسه الآن نقوم منه عن مثل جيفة حمار؟ وكم من مجلس نقوم منه وقد حفتنا الملائكة؟ فأول شيء حفظ جزء عمَّ، بعد حفظ جزء عمَّ، مراجعته بالتفسير، وأحسن كتاب أدلكم عليه هو كتاب في خمسة مجلدات للشيخ أبو بكر بن جابر الجزائري اسمه أيسر التفاسير، وهذا الكتاب ألف بطريقة حديثة، ومختصر من جميع كتب التفاسير، ومبوَّب بطريقة منظمة، يأتي بالآيات، ثم يشرح المفردات، ثم المعنى الإجمالي، ثم يأتي بالأحكام والهدايات التي هدت إليها هذه الآية، إنه عظيم من أعظم ما أُلف في التفسير، تقرأ الآية وتقرأ تفسيرها وانتهى الموضوع.
أكملت جزء عمَّ، انتقل إلى جزء تبارك، أكملت جزء تبارك، انتقل إلى جزء قد سمع، انتهيت من قد سمع، أكمل حفظ المفصل إلى سورة ق، ما شاء الله، أصبح عندك المفصل حفظاً وتفسيراً، إنك بهذا تصبح عالماً إن من يحفظ المفصل وتفسيره، يصير عالماً، هذا في القرآن الكريم.