امتثال الملائكة لأمر الله

إن الملائكة لا تعصي الله؛ الملائكة الغلاظ الشداد لا يعصون الله ما أمرهم، يقول عليه الصلاة والسلام والحديث في صحيح الجامع: (أذن لي أن أتحدث عن ملك من حملة العرش ما بين شحمة أذنه وعاتقه مسيرة سبعمائة عام) هذه رقبته، يا أيها الإنسان! وتعصي ربك، وهذا من حملة العرش: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [الحاقة:17] رقبته مسيرة سبعمائة عام، وفي بعض ألفاظ الحديث: (خفق الطير) أي: سرعة الطير، {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ} [التحريم:6] وإسرافيل؛ نافخ الصور، يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (كيف أنعم وصاحب الصور قد التقم الصور، وأصغى ليتاً) أي: أنصت بأذنيه لأمر الله، رجلاه تحت تخوم الأرض السابعة، وركبتاه في السماء السابعة، ورقبته ملوية تحت العرش، والعرش على كاهله.

جبريل عليه السلام له ستمائة جناح، لما أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (فرد اثنين من أجنحته فسد ما بين الخافقين) ما بين المشرق والمغرب، اثنين! وكم بقي؟ خمسمائة وثمانية وتسعون جناحاً، أرسل الله جبريل مع الملائكة على قوم لوط، الذين كانوا يعملون باللوطية، وهو أن يأتي الذكر الذكر، وهذه معصية ما عملها أحد من العالمين إلا قوم لوط ومن سار على شاكلتهم، حتى الحمير والكلاب والقردة والخنازير لا تعملها؛ ما رأينا كلباً يركب كلباً، ولا حماراً يركب حماراً، ولا خنزيراً يركب خنزيراً، لكن سمعنا أن هناك من البشر من هو ألعن من الخنازير والكلاب والقردة والحمير، يركب الرجل الرجل، فعذب الله هذه الأمة بأن أرسل عليهم جبريل، قال: فغرس جناحه إلى أن بلغ تخوم الأرض ثم قلبها عليهم وكانوا أربع مدن، في كل مدينة أربعمائة ألف نسمة، وما هو بقليل، أربعمائة ألف نسمة؛ نصف مليون إلا قليلاً، قال: ثم حملهم على جناحه، جبالهم وزروعهم وثمارهم ودوابهم وبيوتهم وذكورهم وإناثهم، كلهم سواء، إلى أن سمعت الملائكة في السماء عواء الكلاب ونواء القطط! رفعهم إلى السماء، ثم قلبها عليهم، قال الله عز وجل: {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود:82 - 83] هذا جبريل، ملك من الملائكة، وهذا خلقه وهذا شأنه وهذا تكوين الله لخلقته، يطيعه ولا يعصيه.

وكذلك كل الملائكة، قال الله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ} [ص:74] ولهذا فالعاصي قدوته إبليس، أتريد أن تكون كإبليس؟ أتريد أن تكون شيطاناً رجيماً ولا تكون من الملائكة؟ تخلَّق بأخلاق الملائكة وأطع الله ولا تعصه، فلا يعصي الله إلا إبليس ومن سار على دربه واتبع طريقته من ذريته؛ أعوان الشياطين -والعياذ بالله- فهم الذين يعصون الله تعالى: {إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [ص:74].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015