السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله هذه الوجوه الطيبة، وجمعنا الله وإياكم في الدنيا على طاعته وفي الآخرة في دار كرامته ومستقر رحمته، اللهم آمين.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
وبعد: أولاً: أشكر شباب هذه البلدة المباركة، الذين وفقهم الله وهداهم إلى الصراط المستقيم، وأدركوا المسئولية الملقاة على عاتقهم تجاه ذويهم وأهليهم، فبادروا إلى مثل هذه الندوات الإيمانية، والجلسات العلمية التي تحيي القلوب، وتبارك النفوس، وترضي الله تبارك وتعالى، وهذا من توفيق الله عز وجل لهم ولأهل هذه المنطقة الذين أحسبهم صالحين يستحقون مثل هذا الخير وهذا الفضل، فإن النعمة الكبرى على الناس ليست نعمة الأكل والشرب، ولا نعمة المال والوظائف، والسيارات، هذه نعم لكنها نعم تزول، إن النعمة الكبرى هي نعمة الإيمان، نعمة الدين، فمن أوتي الدين فقد أنعم الله عليه بأعظم نعمة على وجه الأرض، يقول الله عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة:3] أي: ديني، ويقول عز وجل: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} [الفتح:1 - 2] أي: دينه، فليس بمنعم على من يتقلب في النعم المادية وهو عدو لله عز وجل، ليس بُمنعم عليه من يتوعده الله بأن يسجنه في نار جهنم إذا مات وهو على طريق الشيطان، هذا ليس في نعمة، ولهذا يقول الله عز وجل للرسول صلى الله عليه وسلم: {فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ} [التوبة:55] لا تتصور أن من عنده مال وأولاد وبيوت ومساكن ومؤسسات ومزارع ولكنه بعيد عن الله، وعدو لله؛ هاجرٌ لكتاب الله هاجرٌ لبيوت الله قاطعٌ لرحمه عاقٌ لوالديه والعياذ بالله سبَّاب شتَّام مغتاب نمام شاهد زور حالف فجور عدو لله لا تجده في موقع إلا وهو في الشر، وعنده ثراء ونعمة ولكنها ملغمة بسم، متى تنفجر؟ يوم أن يموت، وإذا بها تقطعه قطعة قطعة في جهنم، فيتمنى أنه ما عرف هذه النعم، يقول الله تعالى: {فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ} [التوبة:55].
فالنعمة الحقيقية -أيها الإخوة في الله- في مثل هذه المجالس، ووالله! للحظة يقضيها الإنسان في هذه الندوات، وساعة يقضيها في هذه الأماكن خير من الدنيا وما عليها وسوف يموت، وسوف يجد يوم القيامة الساعات والدقائق مسجلة، إما في ديوان الحسنات وإما في ديوان السيئات، ويتمنى أنه قضى كل حياته في مثل هذه المجالس، فهنيئاً لكم، وبارك الله فيكم، وبارك الله في شبابكم، ونطلب منكم المزيد، ونطلب منكم العون والتأييد، والدعم والجلوس معهم؛ لأنهم إذا وجدوا الإقبال ووجدوا الانصباب والانكباب على العلم استطاعوا أن يذهبوا إلى العلماء، وإلى الدعاة، وأن يجلبوهم لكم، فهم أطباء القلوب.
لكن إذا رأوا الإعراض، فيأتي الداعية أو العالم ولا يجد أحداً من يكلم؟! يقول: كفى الله المستعان! وهنا تحصل النكبة، ويحصل الدمار والإعراض عن الله، ومن أعرض عنه الله عز وجل دمره الله في الدنيا والآخرة، ومن أقبل على الله بقلبه وقالبه، فإن الله عز وجل يبارك له في حياته وماله، ورزقه وأولاده، وزوجاته وفي كل شئونه.