الشيخ/ سعيد بن مسفر شكر الله لك، وأثابك الله، ونسأل الله عز وجل أن يجعل في هذه الإحصاءات ما يقوي إيماننا بالله عز وجل، وهذا أمر شرعي ندب إليه القرآن، يقول الله عز وجل: {فَلْيَنْظُرِ الْأِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ} [الطارق:5].
لأن نظرتك هذه تبعد عنك الخيلاء والكبرياء، وتعرف أصلك أيها الإنسان، ثم نظرتك في خلق الله، وكيف خلق الإنسان: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ * وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات:21 - 22].
هذه تجعلك تؤمن عن يقين وتقول في ثقة: أشهد أن لا إله إلا الله، وإلا فمن خلقك؟ إن لم يكن ربك الذي خلق كل شيء من خلقك؟ الملاحدة ينسبون خلقك إلى الطبيعة، ما هي الطبيعة؟ الأرض التي تدوسها بقدمك تخلق؟! الأرض الصماء البكماء العمياء تمنحك السمع والبصر والعقل؟! لا والله، ما خلقنا إلا الله عز وجل.
{هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً * إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} [الإنسان:1 - 3].
فنشهد أن لا إله إلا الله شهادة من أعماق قلوبنا، ونشهد أن محمداً رسول الله، ونشهد أن هذا هو الحق، وأن الدين هو الحق، وأن البعث هو الحق، وأن كلما جاء به كتاب الله حق، وهذه نتيجة كما سمعتم في سورة الحج في آية البعث، يقول: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [الحج:6 - 7] هذا هو مجال النظر في مخلوقات الله.
التفكير الثالث: التفكير في نعم الله عليك أيها الإنسان، وهذه ضرورة؛ لأنك إذا ذكرت نعم الله حصلت لك المحبة لله، فالذي ينعم عليك هو الله، وما من نعمة تمر عليك إلا والله مجليها ومسديها: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ * وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [النحل:53 - 18].
نعمة الخلق والإيجاد، نعمة الرزق والإمداد نعمة العافية والإسعاد نعمة الإيمان، كل النعم من الله تبارك وتعالى، فإذا تفكرت فيها، وعرفت هذه النعم، حصل لك حب منعمها ومسديها، وطريق النظر أن تنظر إلى من هو دونك، طريق معرفة نعم الله عليك أن تعرف وتنظر إلى من هو دونك في النعمة، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (انظروا إلى من هو دونكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فإنه أحرى ألا تزدروا نعمة الله).
إذا كنت في بيت متواضع فانظر إلى الذين يستأجرون، وإذا كنت تركب سيارة فانظر إلى الذين يمشون، وإذا كنت معافى فانظر إلى المرضى، وإذا كنت طليقاً في حرية فانظر إلى السجناء، وإذا كنت في وظيفة فانظر إلى العاطلين، المهم أنك تنظر إلى نعم الله التي تحل بك وحرمها غيرك، مثلاً إذا معك سيارة طراز (90) لا تنظر إلى سيارة طراز (93)؛ لأنك تقول: سيارتي قديمة، لكن طالع في الذي معه (83) أو (70)، تقول: والله سيارتي أحسن من غيري، فأنت أحسن من غيرك؛ لأن الناس يتفاضلون في النعم من أجل عمارة الكون، يقول الله عز وجل: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [الزخرف:32] هذا المجال الثالث وهو النظر في نعم الله.