لأهل النار صراخ وصياح وعويل ومجادلات وتكذيب وملاعنة {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا} [الأعراف:38] يتلاعنون في النار ويصيحون ويصطرخون، ويقولون: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا} [المؤمنون:107] لكن لن يخرج أحد منها، ويزفرون في النار، وبعضهم يرد على بعض: {هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ} [ص:59] قال أولئك: {بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ * قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ} [ص:60 - 61] أي: بعضهم يدعو على بعض، وهذا واقع الآن في الدنيا، لو مسكوا مجموعة من أهل جريمة لتلاعنوا وما دخلوا السجن، وتضاربوا قال: أنت، بل أنت، بل أنت، وهو سجن فيه أكل وشرب ونوم، كيف سجن النار لا حول ولا قوة إلا بالله؟! ثم يحصل في النار نوع من التلاوم، فيقولون كما أخبر الله عنهم: {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا} [الأحزاب:66] يلوم نفسه أنه لم يطع الله، {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً} [الأحزاب:67 - 68] ويتحاجون أيضاً يقول الله: {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ} [غافر:47 - 48] يقول: نحن كنا نتبعكم, ونمشي على منهجكم وطريقتكم فعلى الأقل احملوا عنا أكثر مما نحمل نحن، قالوا: {إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ} [غافر:48].