كيف يصلي المريض: يجب عليه أن يتطهر بالماء، فيتوضأ من الحدث الأصغر، ويغتسل من الحدث الأكبر، فإن كان لا يستطيع الطهارة بالماء لعجزه أو خوفه من استعمال الماء فإنه يتيمم، وإن لم يستطع أن يتطهر بنفسه فإنه يوضئه أو ييممه شخصٌ آخر.
وكيفية التيمم: أن يضرب الأرض بيديه ضربة واحدة ويمسح بهما وجهه ثم يمسح كفيه بعضهما ببعض، هذه هي الكيفية الصحيحة، والآية الكريمة هكذا: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء:43] وهذا الدليل واضح لا إشكال فيه.
بعد ذلك إذا كان في بعض أعضاء الطهارة مرض أو جرح لا يستطيع أن يغسله فإنه يتوضأ لبقية الأعضاء ويتيمم للعضو الذي لم يصله الماء، إذا كان في بعض أعضائه كسرٌ مشدود بخرقة أو جبس فإنه يمسح عليه ويأخذ حكمه حكم الجبيرة، ويجوز التيمم له بالتراب الذي يوضع له في صحنٍِ إذا لم يكن عنده تراب على الأرض.
بعد ذلك إذا تيمم لصلاةٍ وبقي على طهارته إلى الصلاة الأخرى صلى بالتيمم الأول، وهذا موضع خلاف بين أهل العلم؛ لأنه مبني على كون التيمم مبيح أو رافع، فالذين قالوا: إن التيمم مبيح للصلاة وليس رافعاً للحدث قالوا: لكل صلاةٍ تيمم، والذين قالوا: إن التيمم رافع للحدث؛ لأنه يقوم مقام الأصل وهو الوضوء قالوا: إنه يصح له أن يصلي الصلاة الثانية إذا بقي على طهارةٍ بالتيمم الذي صلى به الأولى وهو ما يرجحه الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن صالح بن عثيمين.
ثم بعد ذلك يجب أن يصلي المريض بثيابٍ طاهرة، فإن كانت ثيابه نجسة وجب غسلها، فإن لم يستطع صلى بثيابه التي عليه وصلاته صحيحة.
ويجب عليه أن يصلي على شيءٍ طاهر، فإن لم يجد وكان المكان الذي يصلي عليه وهو السرير نجس وجب عليه غسله أو استبداله، فإن لم يستطع وضع عليه فراشاً، فإن لم يستطع صلى عليه وصلاته صحيحة ولا إعادة عليه؛ لأن الأمر قائم على اليسر.
ولا يجوز له أن يؤخر الصلاة عن وقتها من أجل العجز عن الطهارة، أو العجز عن الوضوء، أو العجز عن التيمم، كما يصنع بعض الناس إذا مرض، وخاصة إذا عملوا له عملية، تجده يجلس أسبوعاً لا يصلي، لماذا؟ قال: ثيابي نجسة بطني مفتوح.
نقول: تخيل أنك متَّ في هذا المرض وأنت تارك للصلاة، لا إله إلا الله! يا أخي! صلِّ على أي هيئة وعلى أي كيفية وبأي وضعٍ تستطيعه، أما أن تترك الصلاة بحجة أنك غير طاهر أو أن ثيابك غير طاهرة أو أن وجهك ليس إلى القبلة أو أنك لا تستطيع، فهذا لا عذر لك.
أما كيف يصلي؟ فيصلي الفريضة قائماً ولو كان منحنياً إذا كان لا يستطيع القيام، أو يعتمد على عصا أو يعتمد على جدار إذا كان مريضاً، وإذا لم يستطع القيام صلى جالساً والأفضل أن يكون متربعاً، وإذا كان لا يستطيع الصلاة جالساً صلى على جنبه متجهاً إلى القبلة، والجنب الأيمن أفضل، وإذا لم يستطع الصلاة على جنبه صلى مستلقياً على ظهره، ورجلاه إلى القبلة، والأفضل أن يرفع رأسه قليلاً ليتجه إلى القبلة، يعني: يرفع له بمخدة فإن لم يستطع أن تكون رجلاه إلى القبلة صلى إلى أي اتجاه ولا إعادة عليه، إذا لم يستطع أن يصلي وهو مستلقٍ صلى بالإيماء برأسه ويشير بعينه فيغمض قليلاً في الركوع ويغمض تغميضاً أكثر في السجود، أما الإشارة بالأصبع كما يصنع بعض الناس فلا دليل عليها ولا أصل لها في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إذا لم يستطع أن يشير لا برأسه ولا بعينه ولا بأي إيماء، قال العلماء: فيومئ بقلبه، تومأ بقلبك وتكبر تكبيرة الإحرام بقلبك، وتقرأ الفاتحة بقلبك، وتنوي الركوع والسجود والقيام والقعود بقلبك، ولكل امرئ ما نوى، واتقوا الله ما استطعتم، ويصلي المريض كل صلاةٍ في وقتها ويفعل ما يقدر، فإن شقّ عليه فعل كل صلاةٍ في وقتها فله أن يجمع بين الظهر والعصر، وأن يجمع بين المغرب والعشاء، إما جمع تقديم أو جمع تأخير.
أما الفجر فلا تجمع وإنما تصلى لوقتها، وإذا كان المريض مسافراً يعالج في غير بلده جاز له أن يقصر الصلاة الرباعية فيصلي الظهر ركعتين والعصر ركعتين والعشاء ركعتين حتى يعود إلى بلده وينتفي عنه حكم السفر.
هذا، ونسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم لكل خير.