Q لي والدة تتعاطى (البردقان) وقد قمت بنصحها لكن تعتذر أن عندها ألم في الأسنان؛ لأنه يداويها، وقد حاولت أن أذهب بها إلى المستشفى لعلاجها ولكن تمنع، سؤالي: ما حكم الفلوس التي أدفعها لها، ونحن ندفعها في شراء هذه المادة، علماً أنه ليس لها مصدر عيش إلا من عندي بعد الله عز وجل، وما حكم عدم ذهابي بها إلى المستشفى لعلاجها نظراً لكونها تمنع من المستشفى؟
صلى الله عليه وسلم أولاً: (البردقان) أو (الشمة) باللسان الدارج والدخان والجراك كل هذه خبائث -والعياذ بالله- لا ينبغي للمسلم مزاولتها أو إتيان شيء منها؛ لأن في الطيبات ما يغني عنها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة:172] كلوا من الشحم واللحم والعسل والموز والبرتقال والتفاح، كم أحل الله من الطيبات؟! ولكن أكثر الناس ترك هذا كله أقبل على الخبائث، مثل أبي جعران، أبو جعران هذا لا ينبسط ولا ينظر الدنيا كلها إلا إذا غرس أنفه في قطعة من النجاسة ودقدقها برأسه حتى يعمل كرة، ولو وضعت عند أنفه قطعة من القطن وفيها ورد يموت، لا يستطيع يعيش إلا على القذارة، وإذا شم الورد قتل كما يقول ابن الوردي، فالطيبات فيها غنية وفيها كفاية {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً} [المؤمنون:51] أما الخبائث، جنس الخبائث فهي محرمة كما في سورة الأعراف: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف:156 - 157] فكل طيب حلال وكل خبيث حرام، نأتي نسأل: (الشمة) والدخان و (الجراك) والشيشة طيبات أم خبائث؟! خبائث، ليس هناك شخص في الدنيا يقول: إنها طيبة، حتى الحمار -أكرمكم الله ومجلسكم- في اليمن يقول لي أحد الإخوة: إن مزارع التبغ -الدخان- خضراء مثل البرسيم، والحمير تموت جوعاً وتظهر أضلاعها ونأتي إلى عند الحمار بقطعة من الدخان نعطيه فيرفض، يقول: هذا لا يصلح، يقول: استحوا على وجوهكم، ولكن البشر لا يشربونه إلا وقد يبس، بعدما ييبسونه ويقرطسونه ويتبخرون عليه، لا حول ولا قوة إلا بالله! ومرة كنت ألقي محاضرة في جيزان في مدرسة من مدارس الثانوية فتكلمت عن هذا الموضوع، فأحد المدرسين قال لي: يا شيخ! أنتم تقولون: إن الله يحل الطيبات ويحرم الخبائث؟ قلت: نعم.
هذا قرآن، قال: أنا أعتبر الدخان من الطيبات، قلت: لماذا؟ قال: هكذا، أنا أقول: طيبات.
قلت: طيب، عندك أولاد يا أخي؟ قال: نعم.
قلت: إذا رأيت في يد شخص منهم حلوى أو بسكويت أو تمر تزعل أو تغضب؟ قال: لا.
لا أغضب.
قلت: وإذا رأيت في يد ولدك دخاناً؟ قال: لا أرضى، قلت: لماذا؟ قال: لأنه بطال، وبلسانه والله، قلت: والبطال يعني خبيث.
فضحك الرجل وضحك الناس عليه، وبعد ذلك في آخر الجلسة قال: أستغفر الله وأتوب إلى الله من الدخان.
فهذه أمك لا تشتري لها هذه الشمة ولو لم يبق معها شيء، أما الفلوس التي تعطيها يجب عليك أن تعطيها فلوساً، كلما طلبتك فلوساً تعطيها، لكن لا تشتري لها، إذا أعطيتها الفلوس فأنت تعطيها بقصد إعفافها وإغنائها، فإذا أرسلتك تقول: أعطي لي بهذين الريالين شمة.
قل: لا.
أعطِ لها بدل هذه الشمة علبة سكر أو علبة طحينية أو حلاوة أو زبيب أو لوز أو شيء من الطيبات، أما هذه الخبيثة هذه التي رائحتها -والعياذ بالله- تعف، تجد الواحد جالس في مجلسه فمه كذا أو كذا ويبزق مثل الدجاجة، عيب عليك، هذه ليست جيدة حتى في خلق الإنسان فضلاً عن دينه.