فإذ غربت الشمس وتيقن الغروب دفع من عرفة إلى مزدلفة يلبي الله عز وجل: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك) ويرفع صوته بذلك، ويقول أيضاً: (لبيك اللهم حجاً) حتى يصل إلى مزدلفة، فإذا وصل صلى بها المغرب والعشاء جمعاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع فيها جمع تأخير، وذلك أنه لم يصل إليها إلا بعد دخول وقت العشاء، فإن قدر أنك وصلت إليها وقت المغرب فالأفضل أن تصلي المغرب ثم تنتظر حتى يأتي وقت العشاء فتصلي العشاء، إلا أن يكون في ذلك شيء من المشقة عليك فلا حرج أن تجمع جمع تقديم، وتبقى في تلك الليلة في مزدلفة، ولا ينبغي أن تحيي تلك الليلة بذكر أو دعاء، أو قرآن أو تهجد، لا.
الأفضل أن تنام؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما صلى المغرب والعشاء اضطجع ونام حتى طلع الفجر، ولم يقم تلك الليلة ولم يشتغل بالتسبيح ولا بالقرآن ولا بشيء أبداً، نام لأجل أن ينقض التعب الذي حصل في عرفة ويستجد النشاط للعمل الذي يكون في يوم النحر، هذا هو السنة.
وظاهر الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوتر تلك الليلة؛ لأنه لم يذكروا أنه أوتر، ولكن هناك أحاديث عامة تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدع الوتر حضراً ولا سفراً، وعلى هذا: فتصلي العشاء ركعتين ثم توتر بما شاء الله، ثم تنام إلى طلوع الفجر، فإذا طلع الفجر فصل الفجر مبكراً إلى حين أن يتبين الصبح، وهنا ينبغي أن تؤذن لصلاة الفجر ثم تصلي راتبة الفجر ثم تصلي صلاة الفريضة، وبعد هذا تقف داعياً الله عز وجل إلى أن تسفر جداً ويتبين السفر، ثم تنطلق متوجهاً إلى منى، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك؛ وقف عن المشعر الحرام، وقال: (وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف).