فنقول: أولاً: ينبغي للإنسان إذا عزم على السفر إلى الحج أن يكون مخلصاً لله سبحانه وتعالى في هذا السفر، وأن يشعر بأنه سفر طاعة، لأنه من حين أن يغادر بلده وهو قاصد لعبادة فيكون في عبادة من حين أن يخرج، وينبغي أن يأتي بالسنن القولية والفعلية في السفر؛ فيدعو عند ركوبه بدعاء السفر المشهور، ويستمر في السير وكلما علا كبر وكلما انخفض سبح؛ لأن هذا دأب الصحابة رضي الله عنهم، وليحرص على فعل الصلاة في أوقاتها مع الجماعة إن كان ممن تطلب منه جماعة، وليحرص كذلك على أن يتطهر بالماء ولا يتهاون كما يفعله بعض الناس، يكون الماء عنده ميسراً ولكن يتيمم بحجة أنه في سفر، والله عز وجل يقول: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء:43] فلابد من عدم الماء، ليس مجرد السفر مبيحاً للتيمم بل لا بد من عدم الماء.
وليحرص على أن يأتي بكل خلق طيب في معاملة إخوانه من السماحة وطلاقة الوجه، والبش والتبسم، والإنفاق وغير ذلك من طرق الإحسان، ويجوز للمسافر بل يشرع له أن يأتي بجميع سنن الصلاة، كل الصلوات النوافل مشروعة في حق المسافر إلا ثلاثاً، وهي: راتبة الظهر وراتبة المغرب وراتبة العشاء، فهذه الثلاث الرواتب السنة تركها وما عدا ذلك من النوافل فهو مشروع كما هو مشروع في الحضر.
وقد ظن بعض الناس أنه لا يتنفل في السفر إلا بالوتر وراتبة الفجر ولكن هذا لا دليل عليه، بل الدليل يدل على أن جميع النوافل مشروعة ما عدا الرواتب الثلاث التي ذكرت.