Q أقول لك: عندي خمسة أولاد، وأبوهم متوفىً، له ثماني سنوات، والولد عمره ثماني عشرة سنة، والبنت عمرها تسع عشرة سنة.
والآن صرنا أنا وإياهم في خصام ومشاجرة، وكل ساعة خصومة، وأنا أواسيهم بأي طريقة، رغبتي أفتح لهم؛ أواسيهم بأي شيء يرضيهم أو يسعدهم، كلما أرادوا شيئاً لبيته لهم، ورغم هذا مازالوا يقطعوني بالأيام والليالي.
الشيخ: جزاكِ الله خيراً، بارك الله فيكِ.
السائلة: أول مرَّة، الآن إذا تكلمت على البنت تقاطعني أسبوعين ثلاثة أربعة لا تكلمني ولا أكلمها حتى أني أصبح طفشانة من البيت.
الشيخ: أعوذ بالله! أعوذ بالله! لماذا؟ السائلة: لا أدري، كلما طلبوا شيئاً قلت لهم: تفضلوا، حتى المصاريف أعطيتهم، قلتُ لهم: تصرفوا مثلما تريدون، أنا اعتبروني عندكم مثل الخدَّامة؛ لكن أرجوكم أنكم! الشيخ: جزاكِ الله خيراً.
السائلة: فهم على راتب أبيهم الذي يأتي ثمانمائة ريال سمعتَ أم لا؟ الشيخ: نعم.
السائلة: والآن أخي دخل في مشاكل، ودخل السجن، يعني: تهاوَش هو أوناس، ودخلوا السجن، والآن أنا أصبحت محتارة معهم ومع عيال خالهم، فهب لي حلاً، أرجوك إن ذهبت عند عيال خالهم قالوا: لماذا جِئْتِي عندهم؟ ونحن جيران مع بعض، وإن جئتُ عند عيالي يرشون عليَّ البيت أجيء هنا يخاصموني، ويقولون: أنت تذهبي هنا وتجيئي هنا، فأقول لهم: يا عيالي! اكفوني الله يرضى عليكم ارحموني, أنا أصير أروح عند عيال خالكم، جَهَلَة صغار، ما عندهم إلا أمهم، وهم هنا مقطوعون مثل أبيهم رباكم هنا وأنتم صغار، أنا أريد أن أربي أبناءه الآن حتى يخرج من السجن! الشيخ: والله! على كل حال بارك الله فيكِ الأَولى أنكِ تستعينين بخالهم.
السائلة: خالهم ليس موجوداً الآن، مُوَقَّفٌ في السجن، لا يوجد إلا زوجته، وعنده أربعة أولاد، والأولاد ما زالوا صغاراً.
الشيخ: حسناً! أما عندكم جيران لكم طيبين؟ السائلة: الجيران لا نحتك بهم.
الشيخ: إذاً: أحسن شيء أن توالي النصح لابنك وابنتك، النصح والإرشاد.
السائلة: أرشدتهم وقلت لهم: يا أبنائي! هذا خالكم, عالكم وأنتم ما زلتم صغاراً، عالكم قدر ثمان سنوات، واليوم لابد أن نكافئه، مثلما أعطانا بالأمس نعطيه اليوم، وأنا -والله- امرأة مؤمنة وأخاف الله, وأنا قد قلتُ لهم: يا أبنائي! أريد أن أقدم في عمل، قالوا: لا، ممنوع، يا أبنائي! أريد أن أقدم في الجمعية تساعدنا، قالوا: لا، كل ما عملتُ شيئاً معهم أريد أن أرضيهم قالوا: لا.
والولد موظف والحمد لله، والبنت تدرس.
أرجوكم أن تسكتوا عني، أنا سأتحمل الصغار، وأنتما أيها الكبار أرجوكم اتركوني، لقد احترق قلبي على خالكم، الذي حصلت له هذه المصيبة وراح فيها.
يا شيخ! الآن أنا أعول عيالي هؤلاء أم عيال أخي؟ هب لي حلاً، وزوجة أخي هنا أبوها يريد يأخذها، وأنا أقول: لا، دعها عندنا، وما أعطانا الله فنقتسمه بيننا؟ الشيخ: أقول -بارك الله فيك-: أولادك أحق، أولادك -ابنك وابنتك- أحق من غيرهما.
السائلة: صحيح؛ أعلم ذلك، وأنا لست مقصرة معهم في شيء، أغسل وأطبخ وأكنس وأفعل لهم كل شيء، أما عيال أخي فإني أخرج إليهم كي أواسيهم فقط مجرد مواساة، فيقولون: اعملي ذا، وانظري ذا، وأنام عندهم أحياناً، أؤنسهم، فما هو الحل؟ الشيخ: ما أرى حلاً إلا النصيحة.
السائلة: ماذا أنصح؟ ماذا أفعل؟ الشيخ: انصحيهم, انصحيهم.
السائلة: علَّمتُ، قلت لهم: خافوا من الله.
الشيخ: قولي لهم: هؤلاء أرحام تجب صلتهم، ولا ينبغي أن يكون بيننا وبينهم هذا التباعد.
السائلة: ولا أريد أن أجرح هؤلاء، لا رضيتُ في عيالي، ولا رضيتُ في عيال أخي، ولا رضيتُ في أهل زوجة أخي، ما أدري أُسعد مَن! وأُرضي مَن! الشيخ: ارضي الله عز وجل.
السائلة: أنا أرضي الله، إن شاء الله إني مُرْضِيَة ربي، وهو أعلم.
الشيخ: وخالهم له حق عليهم.
السائلة: خالهم الآن وهو مرمي في السجن مشغول بهم، عندما أذهب لزيارته، يقول دائماً: كيف حالهم؟ ماذا فعلوا؟ ماذا عملوا؟ من الذي نجح؟ من الذي سقط؟ من الذي كذا؟ الشيخ: اذهبي وحدكِ.
السائلة: كيف؟ الشيخ: أقول: اذهبي أنتِ وحدكِ لزيارة أبناء أخيك.
السائلة: أين أروح؟ الشيخ: لزيارة أخيكِ.
السائلة: أقول لك: أبناء أخي ما بيننا وبينهم إلا شجرة الباب فقط، أي: يسكنون معنا في شقة مجاورة لنا فأذهب إليهم بعد الانتهاء من تجهيز الطعام لأبنائي وتنظيف بيتهم، فأذهب على أبناء أخي، ماذا أعمل؟ أنا أريد حلاً، أنا أخاف من حنق أبنائي علي، أخاف أن ربي يعاقبني؟ الشيخ: أبداً, إذا اتقيتِ الله ما استطعتِ.
السائلة: إذا دخلتُ وهم في غرفة يخرجون من الغرفة الثانية، إذا قلت لهم: حرام عليكم يا عيالي! تفعلون هذا، لا يردون عليَّ.
الشيخ: على كل حال: ما أرى إلا أن تسألين الله لهم الهداية وتصبرين عليهم.
السائلة: إن شاء الله، أنا سأصبر حتى آخر لحظة من عمري.
الشيخ: واسألي الله لهم الهداية.
السائلة: آمين يا رب العالمين.
الشيخ: آمين، بارك الله فيكِ السائلة: الله يهديهم إن شاء الله، ويهدي كل مسلم في الدنيا الشيخ: آمين، آمين، بارك الله فيكِ السائلة: ما عليَّ إثم؟ الشيخ: إذا اتقيتِ الله ما استطعتِ ما عليك إثم.
السائلة: والله! إني محتارة في هذا الشيء، في هذه المعاملة، فلا تقل: إني قاسية فيهم, ولا تقل: إنني أعاملهم معاملة سيئة, ولا تقل: إني تخليتُ عنهم، إنما أبوهم له ثمان سنوات، وهذه التاسعة أمشي فيها.
الشيخ: خلاص بارك الله فيكِ.
السائلة: ولا عمري فكرتُ في حاجة، يعني: أعطيها لهم.
الشيخ: أقول: انتهى، أقول: انتهى الكلام، انتهى الكلام.
السائلة: أنا ما عليَّ إثم؟ الشيخ: أبداً، الشيء الذي عليك: تأتين باللازم عليك، وتقومين بطاعةٍ لله.
السائلة: الله هو يدري.
الشيخ: فما حصل ليس عليك منه شيء.
السائلة: أنا أهم حاجة عندي عيال أخي, ما إن يخرج أخي فهم في تلك الساعة أحرار.
الشيخ: نسأل الله أن ييسر حلها.
السائلة: آمين يا رب العالمين.
الشيخ: آمين.
السائلة: شكراً يا شيخ!