Q كيف يرتقي المسلم بنفسه في مجال الدعوة إلى الله عز وجل؟
صلى الله عليه وسلم الحقيقة كان في نفسي آنفاً لما ألقيت تلك الكلمة الوجيزة في العلم النافع والعمل الصالح، أن أتحدث عن شيء يتعلق بالدعوة، فجاء هذا السؤال الآن ليفتح لي الطريق للخوض فيما كنت فكرت فيه ثم لم أفعله.
أما كيف يرقي الإنسان نفسه في سبيل الدعوة؟ فذلك بلا شك يحتاج إلى أمرين اثنين فيما يبدو لي: الأمر الأول: أن تظل علاقته مع أهل العلم سواءً من كان منهم حياً في كتابه أو كان حياً في دعوته، أي: أن يكون ذا صلة قصوى بكتب أهل العلم الذين عُرِفوا باستقامتهم في عقيدتهم، فلا ينقطع عن المراجعة والمطالعة والاستزادة من علمهم؛ لأن ذلك يساعده على أن يترقى وعلى أن ينطلق في دعوته إلى الله تبارك وتعالى.
الأمر الثاني: أن يكثر صلته بأهل العلم الأحياء منهم، وبخاصة من كان منهم معروفاً أن عقيدته صالحة، وأخلاقه كريمة طيبة؛ لأننا نعلم أن القدوة الحسنة لها أثر كبير جداً في الناس المقتدين بهم، إذا كان الرجل أو العالم أو الشيخ المقتدى به فيه شيء من الانحراف الفكري أو الخلقي، فلا يبعد أن يؤثر ذلك الشخص أو الشيخ في الذين يتصلون به أو يتلقون العلم عنه، ومعلوم أحاديث كثيرة معروفة عن الرسول عليه السلام فيها الحض على مصاحبة الصالحين ومرافقتهم، كمثل قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي) فوصية الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بأن نصاحب المسلم التقي؛ ما ذلك إلا لأن عدوى الصالح تسري بالخير إلى المصاحب له، ولذلك جاء في صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قوله: (مثل الجليس الصالح كمثل بائع المسك؛ إما أن يحذيك -أي: يعطيك-، وإما أن تشتري منه، وإما أن تشم منه رائحة طيبة، ومثل الجليس السوء كمثل نافخ الكير؛ إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تشم منه رائحة كريهة) ولذلك من كان يريد الانطلاق والترقي في سبيل الدعوة فلا بد أن يحافظ على هذين الأمرين: الأمر الأول: أن يكون كثير الصلة بكتب أهل العلم الماضيين المعروفين بالعلم النافع والعقيدة الصحيحة.
والأمر الثاني: إذا تيسر له أيضاً في مجتمعه الذي يعيش فيه بعض أهل العلم والصلاح، فعليه أيضاً أن يتصل بهم ما أمكنه ذلك، حتى يتأثر بمسراهم، ويستفيد من أخلاقهم وسلوكهم، هذا الذي يبدو لي أنه جواب عن هذا السؤال.