Q يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أنا أول الأنبياء في الخلق، وآخرهم في البعث، وقد بعثت آخر الزمان لئلا تطلع الأمم على فضائح أمتي) أو كما قال، فنريد منكم شيخنا الحكم على هذا الحديث؟
صلى الله عليه وسلم الشطر الأول من الحديث: (أنا أول الأنبياء في الخلق، وآخرهم في البعث) حديث معروف، وهو من أحاديث الجامع الصغير، ومن معروفه أنه حديث ضعيف الإسناد لا تقوم الحجة به، ولا يجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم لعدم ثبوته، هذا من حيث إسناده.
وأما من حيث متنه، فلا يتصور أن يقول الرسول عليه السلام: إنه أول الأنبياء في الخلق، فأول الأنبياء كما نعلم آدم عليه الصلاة والسلام، وهو أبو البشر مطلقاً، فكيف يتصور أن يكون حفيده بعد مئات الأجيال محمد بن عبد الله قد خلق قبل جده الأول آدم عليه الصلاة والسلام؟! وقد يتأول بعض الناس مثل هذا الحديث بأن المقصود بالخلق الخلق المعنوي.
فنقول: بهذا المعنى يخرج الحديث عن النكارة الظاهرة، ولكن هذا أيضاً يحتاج إلى إثبات، كون الرسول عليه السلام خلق من حيث المعنى قبل الأنبياء جميعاً، فهذا أمر غيبي يحتاج إلى إثبات، وليس هناك ما يدل عليه، اللهم إلا قوله عليه الصلاة والسلام الثابت عنه: (كنت نبياً وآدم بين الروح والجسد) وفي رواية: (كتبت نبياً) فهذا معنىً صحيح، أي: إن الله عز وجل كتب نبوة الرسول عليه الصلاة والسلام قبل تمام خلق آدم عليه الصلاة والسلام، (كنت نبياً وآدم بين الروح والجسد) هذا هو لفظ الحديث الصحيح المروي في مسند الإمام أحمد وغيره من كتب السنة المعروفة.
وقد اشتهر الحديث عند الصوفية بمعنى: (كنت نبياً لا آدم ولا ماء ولا طين) الحديث بهذا اللفظ من الأحاديث الموضوعة المعروف وضعها عند العلماء.
فإذاً حديث: (كنت نبياً -وفي اللفظ الآخر:- كتبت نبياً وآدم بين الروح والجسد) هذا صحيح، أما أنه كان أول الأنبياء في الخلق وآخرهم في البعث، فهذا حديث ضعيف.
أما تمام الحديث وهو: (وقد بعثت آخر الزمان لئلا تطلع الأمم على فضائح أمتي) فهذا لا أعرفه حديثاً، وأظنه تعليلاً من بعض الشراح أو المعلقين على الحديث الضعيف.