كلمة للشيخ عيد عباسي: إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
الموضوع الذي سأتحدث فيه هو عن الدعوة السلفية، ما هي حقيقتها؟ وما هو المراد بها؟ ولمحة عن تاريخها، ثم موقفها من الدعوات الأخرى بشكل إجمالي.
الدعوة السلفية: نسبة إلى السلف، وفي اللغة: هم القوم المتقدمون.
ويراد بهم في الاصطلاح: أنهم القرون الثلاثة الخيرة التي جاء الثناء عليها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: (خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يأتي من بعد ذلك أناس يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، ويكون فيهم الكذب) فهؤلاء بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم -أي: لهذه القرون الثلاثة- أنهم خير القرون، ولا شك أن هديهم وطريقتهم وسنتهم هي خير الهدي وخير السنن وخير الطرائق.
ويقابل السلف الخلف، وهم: الذين جاءوا بعد هذه القرون الثلاثة، ونحن نعلم أنه قد اختلفت طريقة السلف عن الخلف في كثير من الأمور، فقد ظهرت بعد القرن الثالث أمور لم تكن، وكان ذلك بسبب اختلاط المسلمين بغيرهم، ودخول الثقافات الأجنبية على الأمة الإسلامية، فقد دخلت ثقافات النصارى الذين أسلموا، وكذلك اليهود، واليونان، والهنود بعد الفتوحات الإسلامية الهائلة، وهذه الثقافات أثرت مع الأسف، وخاصة في الذين لم يتمكن الإسلام في قلوبهم، فقد انبهروا بها، وحين اطلعوا عليها -وهي شيء جديد عليهم- وثقوا بها، وانبهروا، فأخذوا يعتنون بها، وأخذ بعض الأمراء والحكام من الذين لم يفقهوا حقيقة الإسلام ولم يهتموا بالأمر وخطورته، أخذوا يعطونهم الجوائز الكبيرة من أجل ترجمة كتب هذه الأمم الأجنبية إلى المسلمين.