أما فيما يتعلق بالمرأة، وهل لها أن تشترط على الرجل شروطاً أباحها الشرع؟ فأنا أقول: الشروط هنا ينبغي أن تكون من نوع لا يتعرض الرجل فيما لو قبل شرطاً من شروطها لحرجٍ ما في مستقبلٍ من الزمان، ولنضرب على ذلك مثلاً: المثال الذي مثل به السائل وهو أن تشترط عليه ألا يتزوج، أي: لا يتزوج زوجة أخرى.
أقول: هذا الشرط عاقبة أمره خُسر بالنسبة للرجل، لا سيما أنه قد يمكن ألا يرزق منها الولد، فيعيش معها في حرج وفي ضنك، فلا يستطيع أن يتزوج؛ لأنها غللته وكتفته، فلا يستطيع أن يصبر على هذه الحياة معها، فسيضطر إلى تطليقها والخلاص منها، ويمكن أنها تشترط عدم الطلاق وبعد ذلك لا يجوز أن يطلقها، أو تشترط أن يكون الطلاق بيدها، كما يقول ذلك بعض المذاهب، فأنا أقول: مثل هذه الشروط لا تجوز في الإسلام، والسبب الذي ألمحت إليه: أنها تكون عادة حرجاً للرجل.
ولكن بالنسبة للشرط السابق وهو ألا يتزوج عليها، فيوجد في هذا مانع آخر، وهو شرعيٌ، ذلك أن زوجاً من أصحاب النبي توفي وترك زوجته، فقال لها عليه الصلاة والسلام: (إذا انقضت عدتك فأخبريني) فانتهت العدة وجاءت إليه، فقال لها عليه الصلاة والسلام: (إني أرغب فلاناً لك زوجاً، قالت: يا رسول الله! لك رغبت -أي أنا كما تأمر- ولكني اشترطت على زوجي ألا أتزوج من بعده، فقال عليه السلام: هذا لا يصلح) فتزوجت بالرجل الذي نصحها رسول الله صلى الله عليه وسلم به، وهذا واضح جداً؛ لأن هذا الشرط ما فائدته؟ هذه أمور عاطفية محضة، والعواطف إذا لم تكن مقرونة بالشرع وبالعقل كانت ضرراً على أصحابها، هذه المرأة قد يموت زوجها وهي في أول حياتها الزوجية، فهل تعيش راهبة؟ ستعيش راهبة كما تعيش راهبات الكفار، هي في الظاهر راهبة؟ لكن هي في الباطن مومسة أو مومس؛ لذلك الشرع الحكيم يغلق ويسد جميع النوافذ والأبواب التي يدخل منها الشر إلى الناس.
ولذلك فنحن نقول ناصحين للرجال: حذار أن يقبلوا شروطاً مفروضة من النساء؛ لأن المستقبل لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى، لا سيما أن النساء يغلب عليهن العواطف وقلة استعمال العقل بل والشرع، فلا جرم أن النبي عليه الصلاة والسلام وصفهن بأنهن ناقصات عقل ودين، ولسنا بحاجة الآن أن نفسر هذا الحديث؛ لأنه مفسر في نفسه.