ضابطة أخرى: الذين قد يختلفون من هم؟ هذه نقطة مهمة جداً لنفهم الجواب عن هذا السؤال.
إن الكاتب المشار إليه يقول: البدعة الإضافية والتركية والالتزام بها في العبادات المطلقة خلافٌ فقهي.
الخلاف الفقهي هل هو إذا كان هناك مجتهد بل مجتهدون لهم رأي متفقون عليه، ثم جاء بعض المقلدين فبنوا رأياً لهم، ثم جاء بعض المتأخرين فقالوا: الخلاف فقهي.
وهذا تعبير غير علمي صحيح، فالخلاف الفقهي هو الذي يكون مداره بين الأئمة المجتهدين، الذين هم في أنفسهم -قبل أن يشهد لهم الناس- يشعرون بأنهم قد بلغوا من المنزلة في العلم تمكنهم بأن يقول أحدهم: أنا أرى كذا، أنا أفهم كذا.
ثم شهد الناس -فيما بعد- لهم بأنهم قد وصلوا هذه المرتبة، وهذه الشهادة ليست هي التي بررت لهم ذلك، وإنما هذه الشهادة تكشف عن حقيقة ما وصلوا إليه من المرتبة في العلم.
أما إذا كان الذين اختلفوا أو خالفوا ليسوا من المجتهدين في واقع أنفسهم، بل هم يصرحون للناس بأنهم ليسوا كذلك، بل وأكثر من ذلك يفخرون بأنهم ليسوا مجتهدين، وإن كانوا لا يفصحون هذا الإفصاح، لكننا إذا فسرنا قول بعضهم حينما يفخرون بأنهم مقلدون، فتفسير ذلك أنهم يفخرون بأنهم غير مجتهدين، ولا فرق حين ذلك في التعبير إلا فرقاً لفظياً، كذلك الفرق على مذهب الحنفية، أو عند الحنفية.
المعنى واحد، فهؤلاء الذين يفخرون بأنهم مقلدون، ذلك يساوي أنهم يفخرون بأنهم غير مجتهدين، وهذا يساوي في نهاية المطاف أنهم يفخرون بأنهم غير علماء، وهذا يساوي أنهم جهال.