قصة شيخ من الأزهر

وهذه قصة حكاها الشيخ الأزهري للجماعة، فقلب أهل القرية إلى أمثال هؤلاء يؤمنون بالخرافات والأباطيل المخالفة للشريعة، ما هي القصة؟ قال الشيخ الأزهري لأهل القرية في مجالسه: كان هناك فيما مضى من الزمان رجل عالم فاضل، وكان آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، كان يحتسب وينزل إلى السوق فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، حتى وقف ذات يوم على عطّار وهو يبيع الحشيش المخدر المحرم، فأنكر عليه كعادته في إنكار المنكر، قال الشيخ الأزهري لأصحابه: فما كاد الشيخ ينكر على بائع الحشيش حتى سُلِب عقله، وعاد كأنه بهيمة لا يفهم شيئاً، وكان أتباعه وتلاميذه من حوله، فأخذوه إلى داره وهو لا يعرف شيئاً، كالدابة، لكنهم أهمهم الأمر فأخذوا يتساءلون كيف العلاج؟ من نسأل؟ من نطلب معالجته؟ .

إلخ، قال: فدلوا على رجل يسمى ذا الجناحين وهذه تساوي طامتها طامتين، ذو الجناحين أي: يعلم بالشريعة والحقيقة، علم الظاهر وعلم الباطن، وهذه من الدسائس التي أدخلت على الإسلام، ليتسنى لأعداء الإسلام هدم الإسلام باسم الإسلام، ما هذا يا أخي؟ قال: هذا حقيقة، الحقيقة شيء والشريعة شيء.

ما هذا؟ يقول: هذا من علم الباطن، فعلم الباطن شيء وعلم الظاهر شيء.

فدل على رجل يسمى ذا الجناحين، فجاءوا إليه وقصوا عليه قصة عالمهم، فسرعان ما قال لهم -هنا العبرة-: ذاك البائع للحشيش هو رجل من كبار الأولياء -عندهم- وقد أصيب عالمكم بسبب اعتراضه على ذلك الولي.

فأنا أجمع بين متناقضات في وصفه بين الولي الحشاش بائع الحشيش، هذه حقيقة أمره، هو ولي وهو بائع حشيش، هذا الولي الحشاش هو من كبار الأولياء عند هؤلاء الناس، لذلك ذو الجناحين نصح تلامذة العالم بأن يقودوه - وهو لا يزال كالدابة- إلى ذاك الولي الحشاش، وأن يطلبوا منه العفو والمغفرة لعالمهم ويعتذرون له بالنيابة عنه حتى يفيء إلى نفسه، وهكذا فعلوا، فما كاد يطيب قلب الولي الحشاش على العامل بعلمه حتى رجع إلى حالته الطبيعية، مثل إنسان كان نائماً واستفاق، ثم عرف العالم بطبيعة الحال مصيبته فاعتذر أيضاً هو بدوره للولي الحشاش.

هذه القصة حكاها لي صاحب الدار عن شيخه شيخ القرية، وأن مثل هذه القصص جعلت القرية تؤمن بمثل هذه الطامات وهذه السخافات.

خلاصة الكلام: أن التصديق بمثل هذه الطامات والضلالات، بأنها تصدر من أناس يفعلون شراً -هذا في الظاهر- لكنهم في الحقيقة أولياء، يفتح باباً لأمثال هؤلاء الناس أنه إذا بعث فيهم الدجال أن يؤمنوا به، لماذا؟ لأنه يأتيهم بكرامات -بزعمهم- ما جاءت عن أحد من أوليائهم، يقول للسماء: أمطري؛ فتمطر ماذا تريدون من كرامة أعظم من هذه؟ ونحن لا نسميها كرامة، وإنما هذا أمر خارق للعادة، لكن لما رأينا هذا الرجل يدعي الربوبية، كأن يصدر منه ما هو من خوارق العادات؛ كان ذلك دليلاً على أن هذه ليست كرامات وإنما هي (مخابيط وتدجيل) منه على الناس.

إذاً: الحكم الفصل بين الكرامة وبين الأمر الخارق للعادة: هو أن ننظر إلى المصدر، فمن كان مصدره ولياً صالحاً فهذا نؤمن بكرامته، وهناك كرامات صحيحة وثابتة عن بعض الصحابة وبعض السلف لا ننكرها أبداً، لكن نحن ننكر مثل هذه الكرامات التي هي في الحقيقة إهانات، أما أصل الكرامة فنحن نؤمن بها، وهي فصل من فصول الخوارق -خوارق العادات- وتختلف الخوارق بين الصالح والطالح، والمميز هو العمل الصالح، فمن كان ذا عمل صالح فما صدر منه من خوارق فهي كرامة، ومن كان عمله طالحاً فما صدرت منه من الخوارق فهي ليست كرامة بل هي إهانة، وحسبكم جمعياً ما ذكرنا لكم من خوارق العادات التي يجريها الله على يدي الدجال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015