وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة وعليه مِرْط مرَحَّل من شعر أسود) رواه مسلم، وأبو داود، والترمذي ولم يقل: (مرَحَّل) أي قال: (عليه مرط شعر أسود) .
قال المصنف: (المِرط) بكسر الميم وإسكان الراء، هو: كساء من صوف أو خز -والخز هو الحرير- يتزر به -أي: مثل الفوطة- كالحاج عندما يشد إزاره.
و (المُرَحَّل) بتشديد الحاء المهملة مفتوحة، هو: الذي فيه صور الرحال، والرحال بالنسبة للجمل كالسَّرْج بالنسبة للفرس.
وهنا نكتٌ ينبغي أن نتحدث عنها قليلاً: ذكر المصنف -رحمه الله- في تفسير المرْط أنه كساء من صوف أو خزٍّ، وهو لا يعني بهذا التفسير الكساء أو المرط الذي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتزر به أنه كان من خز، ذلك أن الخز -وهو الحرير-، ولكنه يفسر المِرْط: ما هو في المعهود والمعروف في اللغة العربية؟ وهو أن المرط وهو الكساء، تارة يكون من صوف وتارة يكون من خز، فإذا كان من صوف جاز لباسه، وإذا كان من خزٍّ حينئذ لا بد من نظر: إذا كان الغالب على هذا المرط (الكساء) الحرير فهو حرام، وإن كان الغالب عليه غير ذلك من أنواع القطن أو الصوف أو أي نوع آخر؛ فحينئذٍ الحكم للغالب، فيكون لبسه حلالاً.
أما المرط الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزر به إنما كان من صوف، أو من خز يخالط الصوف أو القطن أو غيره.
ثم ذكر أن هذا المرط كان (مرَحَّلاً) ، وفسر المرحل بأن عليه صور الرحل (الرحال) ، وفيه إشارة إلى أن التزويق والتصوير والتمثيل -وهو التصوير- كان معهوداً في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكنهم كانوا يبتعدون عن تصوير ماله روح أو حياة؛ ذلك لأن الإسلام حرم التصوير ما دام أنها صورة لذات روح، وسواء كانت الصورة مجسمة أو غير مجسمة، وسواء كان لها ظل أو ليس لها ظل.