ومن عجائب ما ابتُلِي به المسلمون -وهم باعتبارهم من البشر جنسان: ذكر، وأنثى-: أن الذكر بما أن له شيئاً من البروز والظهور في جسده، والمرأة ليس لها ذلك إلا في حدود ضيقة جداً جداً، وعلى رأي بعض الفقهاء والذي نتبناه نحن: قرص الوجه فقط والكفان لا يجوز لها أن تظهر أكثر من ذلك، إلا أن القضية انعكست، فصار الرجل يطيل ذيله، يطيله ويطيله حتى يسحب في الأرض، والمرأة التي لا بد أن يسحب إزارها في الأرض صارت ترفع وترفع حتى تكاد تكشف عن عورتها الكبرى.
فهذا كله من وحي الشيطان يا جماعة! وليس من وحي الرحمن أبداً؛ لذلك لا تحاولوا أن تبرروا الواقع بشتى التعليلات، والإنسان عندما يرجع إلى دينه وعقله يشعر تماماً أن هذا ليس هو الصلاح.
فنحن نفرق بين من يقصد ومن لا يقصد، لذلك وجدتُ أحد العلماء من الحنفية المعتدلين ومن المتفقهين -بل الفقهاء ولا أقول: المتفقهين- وجدته يقول كلمة نادرة جداً أن نجدها عند الآخرين؛ فكأن القضية واضحة عندهم، أما هذا الرجل فقد انتبه لدقة هذا الموضوع، فقال تعليقاً على حديث حذيفة السابق، لما رتب الرسول عليه الصلاة والسلام له مواضع الإزار، وقال له أخيراً: (ولا حق للكعبين في الإزار) قال هذا الفقيه، وهو أبو الحسن السني رحمه الله، صاحب الحواشي على الكتب الستة، قال: يظهر من مجموع ما ورد في هذا الموضوع أن إثم من يطيل الثوب تحت الكعبين دون إثم من يفعل ذلك خيلاء، أي: أن إطالة الثوب تحت الكعبين له حالتان: - حالة عدم قصد التكبُّر، مثل بعض شبابنا المسلم اليوم في قضية الموضة هذه، لا يريد أن ينتقده الناس، فقد يكون في الجامعة، وقد يكون موظفاً إلخ، فهذا لا يفعل ذلك تكبراً؛ لكن هذا لا يبرر له هذا الخطأ، بل يجب عليه أن يجاهد ويحارب كل العادات هذه التي تخالف الشريعة.
- فإذا كان الإزار تحت الكعبين، وقصد صاحبه مع ذلك التجبًُّر والتكبُّر، فهذا هو الذي جاء فيه ذلك الوعيد الشديد، وهو ألا ينظر الله عز وجل إليه يوم القيامة.
وفي مثله جاء الحديث الصحيح عند البخاري ومسلم: (بينما رجل ممن قبلكم يمشي قد أطال إزاره خيلاء، خسفت به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة) فهذه أسوأ المراتب، وأهون منها قليلاً: الإطالة تحت الكعبين بدون هذا التكبر، وما فوق ذلك جائز، وأحسنها: أن يكون تحت الركبتين.