Q سمعنا في الكويت أن في الأردن كلاماً كثيراً يدور عن سلفية الكويت، وأنها تمر بحزبية، وأنا أريد منك -فضيلة الشيخ- توضيح ما هي مظاهر الحزبية التي قلتموها على سلفية الكويت؟
صلى الله عليه وسلم هذه المسألة لا نريد الخوض فيها؛ لأنها تزيد النار ضراماً، فالسلفية في الأردن لا تزال قائمة على أساسين اثنين: التصفية والتربية، دون تكتل، ودون تحزب، ودون الاشتغال بالعمل السياسي، ولا نعني نحن أن العمل السياسي لا يجب شرعاً، بل هو فرض من فروض الكفاية، لكننا نعلم أن الاشتغال اليوم بالسياسة اشتغال يصرف القائمين على الدعوة عن هاتين الركيزتين، ألا وهما التصفية والتربية، فالاشتغال بالسياسة يصرف القائمين على هذه الدعوة مقرونة بهذه التصفية والتربية عما هم في صدده.
أما الدعوة السلفية في الكويت فهم لا يمرون في دور تحزب، لا.
فقد دخلوا وانتهى الأمر، منذ أجازوا لأنفسهم كـ الإخوان المسلمين دائماً وأبداً، وكـ حزب التحرير في بعض أدوارهم، حينما صوروا لأنفسهم باسم الإصلاح أن يدخلوا في البرلمانات القائمة لا نقول: على الكفر بالله ورسوله وبالإسلام جملة وتفصيلاً، وإنما على الأقل نقول: هذه البرلمانات القائمة على مخالفة الشريعة في جوانب كثيرة وكثيرة جداً، فحينما أباحوا لإخوانهم أن ينتخبوا وأن يدخلوا في البرلمان الذي لا يحكم بما أنزل الله، حتى أن بعضهم أصبح من الوزراء في الدولة.
لهذا نحن نقول: إن الدعوة السلفية هناك أخذت طوراً سياسياً آخر، فنحن ماضون على الدعوة على هذا الأساس: التصفية بناءً على الكتاب والسنة الصحيحة، وتربية المسلمين على هذا الأساس، فمن اشتغل كجماعة من السلفيين بالسياسة، وأباحوا لأنفسهم فضلاً عن غيرهم أن يدخلوا في البرلمانات، وأن يختاروا سبيلاً للانتخابات هو السبيل الذي انتخبه ما يسمى بالنظام الديمقراطي، وهو الذي يسمح للمسلم والكافر أن يرشح نفسه، وأن يرشح من غيره -أيضاً- في البرلمان الذي يفترض أن يحكم بما أنزل الله، بل قد أباح هذا النظام المسمى بالنظام الديمقراطي أن يرشح المسلم الطالح والمسلم الجاهل والمسلم الفاسق، هؤلاء يرشحون غيرهم ويرشحون أنفسهم، وحينئذ تؤخذ القضية التي تطرح في البرلمان بالأكثرية، وليس على أساس الكتاب والسنة.
ولذلك فنحن نريد من إخواننا الذين يشتركون معنا في الدعوة إلى الكتاب والسنة، وعلى منهج السلف الصالح في كل الأراضي الإسلامية، أن يؤسسوا قبل أن يشتغلوا بالسياسة.
أسألك أنت شخصياً: هل اطلعت على العدد الذي صدر أخيراً أو قبل الأخير بوصف الحركة السلفية واتهام رجل من إخواننا بأنه أسقط فرضية الجهاد؟ وهناك أخ من إخواننا بل هو تلميذ من تلامذتي القدامى كما يشهد هو بذلك، ينتقد كتاباً لأخينا أبي مالك، له ملاحظات على دعوات قائمة على الجهاد، وهو في ذلك دقيق النظر بعيد الفكر، اتهم بأنه أسقط فرضية الجهاد، مع أنه له فصل خاص يصادم هذه النسبة التي نسب إليها.
ما الذي حمل أخانا وحبيبنا وصديقنا في الدعوة سنين كثيرة على مثل هذه الكراهية؟ إنه التحزب، لا نريد أن نبحث في مثل هذه القضايا؛ لأنه يكفي ما وقع من الأخ عبد الرحمن، فقد كتب يتهم أخانا أبا مالك، وربما مسني أنا شيء من اتهامه، ولكن من طرف بعيد، فلا نريد أن نوسع الخرق.
وينبغي أن نتناصح، لذلك أنا سجلت كلمة، ولا بد أن تكون قد وصلت إليه، ندعوه إلى أن يحضر هنا، ونعقد جلسة خاصة للتفاهم في بعض النقاط التي قد نختلف فيها، وبخاصة النقطة الأخيرة التي اتهم فيها رجلاً من الدعاة السلفيين المعروفين لدينا بأنه أسقط فرضية الجهاد، هذه أشياء في اعتقادي أنها من آثار التحزب والتكتل، وإذا كان عندك شيء آخر تريد أن تسأله فتفضل.
هناك اقتراح أرجو أن ينظر إليه بعين القبول: لا ينبغي البحث في التفاصيل التي تقع من اختلاف بين الجماعة الواحدة؛ لأن هذا سيذاع وينشر ويزداد الصف صدعاً على صدع؛ فإن كان هناك سؤال فقهي فهذا أحب إلي، أما إن كان سؤالاً يدندن حول الحزبية، فوالله أننا نفر منها فرارنا من الأسد.