Q لقد شاع بين الناس في هذا الزمان وخاصة أصحاب الأعمال كلمة: إن الكافر أحسن من المسلم.
وهذا غير صحيح، حتى إن معظم الشركات أصبحت تقتصر على الكافرين دون المسلمين، وهذا شيء خطير، نرجو من سماحتكم تعميم خطبة جمعة؛ حتى تكون كافية للرد على مثل هؤلاء الجهلاء، الذين يعتنقون الإسلام اسماً، وحتى يعلم الجميع خطر هذه الكلمة، خاصة أن خطبة الجمعة يحضرها كل الناس.
صلى الله عليه وسلم هذا تقدم في المحاضرة الماضية للشيخ/ صالح الفوزان، وقد نبه على هذا الأمر، وأن ما يقول بعض الناس: إن الكافر أحسن من المسلم، أو إن النصارى أحسن من المسلمين، هذا ردة عن الإسلام -والعياذ بالله- وشره عظيم.
من قال: إن الكفار أحسن من المسلمين، فقد شابه اليهود في قولهم للكفرة: أنتم أهدى سبيلاً من محمدٍ وأصحابه، هذا منكر كبير، وإن كان الكافر قد يجتهد في تجديد بضاعته، وتسويق سوقه، لكن عنده من الكفر والضلال والفساد العظيم ما يزيد على خبثه وضلاله وفساده، وأنه من أنجس العباد ومن شرهم.
فالمسلم وإن كان عنده شيء من المعاصي فهو أفضل بكثير من الكافر؛ لأن عنده إيماناً بالله ورسوله، وعنده توحيد الله، فهو خير من الكافر من وجوه كثيرة، وإن كان عنده بعض المعاصي، فالإسلام ينهاه عن المعاصي، وينهاه عن الخيانة، وينهاه عن الكذب، لكن ليس الكفار أحسن منه! بل هو أحسن وأهدى سبيلاً من الكفار، وإن كان عنده ما عنده من المعاصي، والواجب على المسلم أن يتقي الله، وأن يحذر من المعاصي والكذب والخيانة.
وإذا كان الكافر قد يجتهد في الصدق، أو في تحسين البضاعة، أو في جودة الصنعة، لحظه العاجل ولدنياه العاجلة، فأنت -أيها المسلم- يجب عليك أن تجتهد في هذه الصنعة بالأمانة وعدم الخيانة، وبالصدق وعدم الكذب، حتى لا تفتح باباً للشر على المسلمين، بل يجب عليك أن تحذر غاية الحذر من كل ما حرم الله عز وجل، لكن لا يجوز لأحدٍ من المسلمين أن يقول: إن الكفار أحسن من المسلمين، أو أهدى من المسلمين، أو أصدق، هذا كله باطل ومنكرٌ عظيم، ومن قال هذا بإطلاق فقد كفر نسأل الله العافية، هذا بلاء عظيم أعوذ بالله! ثم لا يجوز توريد الكفار لهذه الجزيرة، ولا يجوز استخدامهم للخدمة، سواء كانوا نساء أو رجالاً؛ لأن هذه الجزيرة يجب أن تتطهر من الكفرة، يبعد عنها الكفار، ولا يستورد لها ولا يستخدم لها إلا مسلمون، مع التحري -أيضاً- في المسلمين والحذر، حتى لا يستخدم إلا مسلمٌ طيب ومسلمة طيبة عند الحاجة إلى ذلك.
أما استخدام اليهود أو النصارى أو البوذيين أو غيرهم من الكفرة، فهذا كله منكر لا يجوز في هذه الجزيرة، الرسول عليه الصلاة والسلام أوصى بإخراج المشركين من الجزيرة، وقال: (لئن عشت لأخرجن اليهود والنصارى منها حتى لا أدع إلا مسلماً) .
ثم أوصى بذلك عند موته عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أن هذه الجزيرة هي حمى الإسلام، وهي مهد الإسلام، لا يجوز أن يكون فيها دينٌ ثانٍ، بل لا يبقى فيها إلا دينٌ واحد، ولا يجوز استقدام الكفرة إليها، اللهم إلا عند الضرورة من طريق ولاة الأمور في شيء ينفع المسلمين، وفي ضرورة للمسلمين كمهندس يحتاج إليه أو طبيب بصورة قليلة نادرة عند الضرورة، كما أقر النبي صلى الله عليه وآله وسلم اليهود في خيبر لحاجة، ثم أجلاهم عمر بعدما أوصى النبي عليه الصلاة والسلام بإخراجهم.
المقصود أن هذا أمرٌ خطير جداً يجب الحذر منه، ولا يجوز أن تبنى فيها الكنائس، ولا أن تفتح فيها مدارس للنصارى، وإن فعل هؤلاء المقصرون وتساهل بعض الأمراء، فعملهم ليس بحجة.