Q بالنسبة لبيع الآجل، هل هو منهي عنه؛ لأنه نقد وآجل في وقت واحد؟ فعندنا رجل في اليمن يبيع بيعاً آجلاً فقط، لا يبيع نقداً، ويزيد في ثمن السلعة، فهل هذا داخل في هذا النهي، علماً بأنه لا يبيع نقداً مطلقاً؟
صلى الله عليه وسلم لماذا؟! بعد أن نعرف جواب (لماذا؟) نستطيع أن نجيبك؛ لأني أخشى أن يكون يَمَنِيُّكم ككُوَيْتِيِّنا! هل تعرف ماذا فعل؟! كان يبيع بسعرين؛ سعر النقد، وسعر التقسيط، فلما بلغه النهي عن الرسول عليه السلام عن بيعتين في بيعة، وأنه لا يجوز أن يأخذ الزيادة مقابل التقسيط؛ لأنه سيصير هناك سعران، حينئذٍ وحَّد السعر، فجعل البيع كله -كما تقول عن صاحبك- بيعاً نقدياً؛ لكن بسعر التقسيط، فهل فهمت؟! السائل: لا.
الشيخ: هذه المسجلة، يبيعها أحد التجار نقداً بمائة دينار، وآجلاً -أي: بالتقسيط كما يقولون اليوم- بمائة وعشرين ديناراً.
فهذا التاجر الكويتي عنده وكالة سيارات ضخمة، وأنت تعرف الكويت قبل حدوث هذه المشكلة، فكان يبيع بسعرين، فالسيارة التي ثمنها مثلاً عشرين ألف دينار نقداً، يبيعها بخمسة وعشرين ألف دينار بالتقسيط إلى سنة، أو ما شابه ذلك، فهو صار يبيع السيارة التي كان يبيعها نقداً بعشرين ألف دينار.
صار يبيعها بخمسة وعشرين ألف دينار، إلى هنا وضح.
السائل: نعم.
الشيخ: حسناً! فهو مثلاً له زبائن، نصف الزبائن كانوا يشترون بسعر العشرين، والنصف الآخر بسعر الخمسة وعشرين، والآن أصبح الزبائن كلهم يشترون بالخمسة وعشرين، فهو كان يظلم النصف، ثم صار يظلم الكل هل وضحت لك الصورة؟ السائل: وضحت.
الشيخ: إذاً: نحن الآن نريد أن نفهم من هذا الأخ: لماذا لا يبيع سعر التقسيط بسعر النقد؟ لماذا وحَّد البيع ببيع النقد؟ لماذا لا يبيع بسعر التقسيط؟! إن كان تحاشياً كما فعل الكويتيون فقد زاد ظلماً على ظلم! وإلا فنحن نريد أن نعرف لماذا؟ لأنني أنا حينما أتكلم عن هذا البيع أقول: إن التجار كما قال عليه الصلاة والسلام: (هم الفجار إلا من بر وصبر) ، فهؤلاء التجار مِن جَورهم وفجورهم أنهم يستغلون حاجة المحتاج، فيزيدون على الذي لا يجد السعر نقداً يزيدون عليه في الوفاء آجلاً، هؤلاء التجار الفجار لو كانوا من المستثمرين كأن يستغلوا تجارتهم في الخير، فإنهم يربحون من الأجر والثواب عند الله أكثر من قائم الليل وصائم النهار، أفهمتَ؟ لو كانوا كذلك لكسبوا عند الله عز وجل أكثر من ثواب قائم الليل وصائم النهار.
كيف ذلك؟ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض الأحاديث الثابتة: (قرض درهمين صدقة درهم) أي: أنت إذا أقرضت أخاك المسلم درهمين؛ كأنك تصدقت بدرهم لوجه الله، فإذا أقرضت صاحبك المسلم مائة دينار، كأنك تصدقت بخمسين، وعلى ذلك فقِس.
الآن هذا التاجر كلما باع بيعاً بسعر واحد وهو سعر النقد -لكن ليس سعر النقد الكويتي، انتبه! - فكلما ربح تكون أضعافاً مضاعفة؛ لأن هذا التاجر يبيع بعشرة آلاف ويبيع بعشرين ألفاً فإذا أقرض الشاري للسيارة عشرين ألفاً فكأنه تصدق بعشرة آلاف الله أكبر! تجارة رابحة جداً؛ لكن حب الدنيا وكراهية الموت -الذي جاء في الحديث المعروف لديكم جميعاً- هو علة الأمراض القائمة اليوم في المجتمع الإسلامي: (إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد في سبيل الله؛ سلَّط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم) .
والحديث الآخر: (تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: أمِن قلة نحن يا رسول الله؟ قال: لا.
أنتم يومئذ كثير؛ ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولَيَنْزعن الله الرهبة من صدور عدوكم، ولَيَقْذِفن في قلوبكم الوَهْن، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت) .
فإذاً: حب الدنيا، وحب المال -مِن أي طريق جاء- هو المسيطر الآن على أغلب تجار المسلمين؛ إلا من عصم الله، وقليلٌ ما هُم.
فإذاً: هذا التاجر عندكم ما عرفنا لماذا لا يبيع بسعر التقسيط، وهو ربح له؟ السائل: هو يشتري بآجل، مثلاً: يشتري السلعة -سيارةً- وسعرُها في السوق -مثلاً- مائة ألف ريال يمني، فهو يشتريها بمائة وعشرين ألف ريال يمني لمدة ثلاثة أشهر، وبعد أن تنتهي المدة يدفعها كاملة -مائة وعشرين ألفاً- فما حكم صورة هذا البيع؟ الشيخ: هو نفسه.
السائل: هو شارٍ وليس بائعاً! الشيخ: سواء كان في البائع أو الشاري يا أخي: (لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه) .
السائل: تعني: أنه رباً؟ الشيخ: لا يجوز.
فالمجتمع الإسلامي مترابط بعضه مع بعض، جزاك الله خيراً.