أخيراً: المراتب لا تنحصر إطلاقاً، لكن على المسلم أن يحاسب نفسه ليعلم أن التشبه هو كل شيء جاءنا من الكفار، ولا فائدة فيه مطلقاً سوى التقليد أو التشبه، على أن هناك مرتبة أخرى إذا ما تذكرها المسلم، أنه حينذاك لم يبق هناك ضرورة لذكر ذاك الطلب الذي يطلب تفصيل التشبه ومراتبه ودرجاته، وذلك هو تقصد مخالفة الكافر، والتشبه أن تفعل فعل الكافر، وهذا كما رأيتم مراتب ودرجات، لكن هناك شيء في الشرع يطالبك أن تتعاطى أعمالاً تصدر منك تقصد بها مخالفة الكفار، حتى في شيء ليس من ملكك ولا من طوعك، ذلك ما أفادنا إياه الرسول صلوات الله وسلامه عليه، في حديث البخاري: (إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم) إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم إذا ما شابت، فاقصدوا أنتم مخالفتهم في صبغكم لشعوركم.
والإنسان يشيب، وهذه سنة الله في خلقه: {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً} [الفتح:23] لا فرق بين مسلم وكافر، بين صالح وطالح، كلهم لابد أن يمروا في هذا الطريق، وهو الشيب، والرسول صلى الله عليه وسلم قد شاب كما نعلم، مع هذا كله يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا شاب أحدكم فليصبغ شعره) لماذا؟ ليخالف اليهود والنصارى الذين لا يصبغون شعورهم.
إذاً: نحن لسنا منهيين فقط عن التشبه بالكفار، بل نحن مأمورون بأن نقصد مخالفتهم، أي: إذا لبسوا لباساً فعلينا أن نتحفظ أن نلبس غير لباسهم، وأن نجعل حياتنا كلها جملةً وتفصيلاً غير حياة الكفار، وهذا -كما قلت لكم آنفاً- ليس أمراً عبثاً، فالظواهر تؤثر في البواطن، إن كان خيراً فخير، وإن كان شراً فشر.
ولعل بهذا القدر الكفاية، والحمد لله رب العالمين.
السائل: ما حكم الصلاة (بالبرنيطة) ؟ الشيخ: لا يستطيع أحدهم أن يسجد وعليه (البرنيطة) ، لكنهم إذا دخلوا المساجد يخلعون ما على رءوسهم كما يخلعون ما على أرجلهم.