وخير لهؤلاء الإخوان الطيبين من جماعة التبليغ شيئان اثنان: الأول: ننصحهم دائماً أن يتفرغوا لطلب العلم ولا يتفرغوا للدعوة؛ لأن للدعوة رجالاً، وقد قلت لهم هناك وفي كل مكان: هل تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل بالعشرات والعشرينات من الدعاة إلى المشركين، أو أرسل أفراداً من نخبة الصحابة كـ علي بن أبي طالب، ومعاذ بن جبل، وأبي موسى الأشعري، ودحية الكلبي، هؤلاء الدعاة هم الذي كان الرسول عليه السلام يرسلهم، ومرة واحدة وقعت أن أرسل سبعين من قراء الصحابة، وبهذه المناسبة يجب أن تعلموا أن معنى قراء الصحابة هم علماؤهم؛ لأننا لا نتصور يومئذ قارئاً كقرائنا اليوم يحسنون القراءة والتجويد والترتيل، لكن لا يفقهون ما يقرءون من القرآن شيئاً، الصحابة لم يكونوا هكذا.
فذهبوا إلى قبيلة مشركة، وطلبوا منهم أن ينزلوا ليدعوا إلى الله عز وجل، فأعطوهم الأمان ثم غدروا بهم فقتلوهم، قتلوا سبعين من قراء أصحاب الرسول عليه السلام، ولما بلغه خبر قتلهم قال أنس بن مالك: (فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد على ناس كما وجد على هؤلاء القراء! فكان يدعو عليهم ويقول في صلاة الفجر وغيرها: اللهم اللعن رعلاً وذكوان) وقبائل أخرى سماها عليه السلام؛ لأنهم قتلوا هؤلاء الصحابة من القراء الكبار.
هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسل علماء، فما بال هؤلاء المسئولين من جماعة التبليغ ورئيسهم هناك في باكستان أو في الهند يرسل دعاة لا علم عندهم؛ لأنه لو كان عندهم علم لعلموا أنه يجب أن يقتدوا بالرسول عليه السلام، وماذا فعل الرسول؟ إلى ماذا دعا الرسول حينما أنزل عليه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر:1-3] ؟ دعا كما دعت الرسل من قبل إلى أن يعبدوا الله ويجتنبوا الطاغوت، فما لهؤلاء الناس لا يدعون إلى ما دعا إليه الرسول عليه الصلاة والسلام، وإلى ما دعا إليه الصحابة الكرام بتعليم الرسول عليه الصلاة والسلام؟ جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أرسل معاذاً إلى اليمن قال له: (ليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله) فهؤلاء جميعاً من كل الجماعات التي ذكرناها آنفاً، من الإخوان المسلمين، من حزب التحرير، من جماعة التبليغ، لا يكون أول ما يدعون إليه شهادة أن لا إله إلا الله، وهذا له سبب سبق أن ذكرته وأجمله الآن: