Q قول الصحابة لابد ألا يكون مخالفاً لقول الله وقول رسوله، فإذا كان كذلك فإن اختلاف الصحابة إنما هو اختلاف تنوع وليس تضاد.
صلى الله عليه وسلم كيف اختلاف تنوع؟ أضرب لك مثلاً: بعضهم يقول: إن مس المرأة ينقض الوضوء، وبعضهم يقول: لا ينقض الوضوء، هل هذا اختلاف تنوع؟ ونحن نعرف أن هناك قولاً بأن قول الصحابي حجة، لكن هذا القول على إطلاقه لا يأخذ به أحد من أهل العلم إطلاقاً، كلما قال الصحابي قولاً كان حجةً، هذا لا يقوله إنسان على وجه الأرض إطلاقاً، إنما قول الصحابي أحياناً يكون حجة، وأنا أضرب لك مثلاً: إذا قال الصحابي قولاً ليس من موارد الاجتهاد، أو كما يقول بعض الفقهاء: لا يقال بالرأي، وإنما هو توقيفي، هذا القول يؤخذ به لا لأن الصحابي قاله؛ وإنما لأنه يحمل في طواياه أنه لم يكن من اجتهاد من عنده، وإنما تلقاه من النبي عليه الصلاة والسلام، أو يتحدث بأمر غيبي مما كان أو مما سيكون، فإذا كان مما سيكون يؤخذ بقوله؛ لأنه أمر غيبي لا يمكن أن يتحدث به الإنسان برأيه واجتهاده، فيكون قد تلقاه من الرسول عليه السلام، هذا بما يتعلق بالمستقبل من الزمان، وإذا كان هذا الأمر الغيبي يتعلق بما مضى من الزمان فلا يؤخذ على إطلاقه، وإنما ينظر إذا كان من المحتمل أن يكون من الإسرائيليات فلا يقال به.
السائل: وإذا كان قول الصحابي مخالفاً لقول الله ورسوله.
الشيخ: أنا سأذكر لك تفاصيل أقوال العلماء في قول الصحابي هل هو حجة أم ليس بحجة؟ فأنا أتيتك بأمثلة، وآخر مثال نريد أن نذكره ما ثبت عن ابن عباس من قوله: [إن القرآن نزل جملة واحدة إلى بيت العزة في السماء الدنيا] هذا قول ابن عباس، ما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن العلماء يعتبرونه في حكم حديث مرفوع للرسول عليه السلام، لماذا؟ لأنه أولاً: يتحدث في أمر غيبي.
وثانياً: لأنه لا يمكن أن يكون من الإسرائيليات، فإنه يتحدث عما يتعلق بالقرآن ونزوله، وأنه نزل إلى مكان اسمه بيت العزة، وهذا البيت هو في السماء الدنيا وليس في الثانية أو ما فوقها، فقالوا: هذا في حكم المرفوع.
أما الصحابي يقول قولاً برأيه وباجتهاده، فهذا ليس موضع اتفاق أنه ينبغي أن نأخذ به، فمنهم من يأخذ ومنهم من لا يأخذ، وحينذاك نرجع إلى أصل الآية السابقة: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء:59] ، فليس عندنا دليل في السنة فضلاً عن القرآن أن الصحابي يرى رأياً فيجب علينا أن نتبعه، هذا غير موجود، ولا على ذلك إجماع -أيضاً- من المسلمين حتى يقال: نتبعهم ولا نخالف سبيلهم، هذا ما عندي بالنسبة للسؤال، وجزاكم الله خيراً.