وهذا النوع من الكفر، كفر الشك أو الظن، كفر ظني أول أمره، ثم بعد ذلك ينتقل صاحبه، فإما أن يكون معرضاً، وإما أن يكون مؤمناً، وخير مثال على ذلك: كفر صاحب الجنتين، فالذي ذكره الله سبحانه وتعالى في سورة الكهف: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً} [الكهف:35 - 36].
فالكفر ظاهر في قوله: (مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا) إلى الأبد.
وقوله: (وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً) هذه الناحية الثانية.
ثم في المقابل قال: {وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنقَلَبًا} [الكهف:36].
إذاً: هنا شك وظن أنها ستستمر إلى الأبد، وأن الساعة لن تقوم، ثم يأتيه الشك مرة أخرى فيقول: (وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنقَلَبًا)، فصار يعيش في مرحلة شك عجيبة.
فجاءه صاحبه وبدأ يقنعه ويحاول أن يقنعه فما اقتنع، فقد أعرض مباشرة عندما قال: {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} [الكهف:34]، فهنا نصحه وأعرض.
فكفر الشك أو الظن لا يمكث مع الإنسان، لكنه يتحول إلى إيمان أو يتحول إلى إعراض بعد ذلك.