دروس رمضان (صفحة 98)

أي وقاية، ففي الصومِ وقايةٌ من المأثم، ووقايةٌ من الوقوع في عذاب الآخرة، ووقاية من العلل والأدواء الناشئة عن الإفراط في تناول الملذات.

إذا المرء لم يتركْ طعامًا يُحِبُّهُ ... ولم يَنْهَ قلبًا غاويًا حيث يمما

فيوشك أن تلقى له الدهرَ سُبَّةً ... إذا ذُكِرَتْ أمثالها تملأ الفما

فلا يتوهم المسلمُ أن حقيقةَ الصومِ إمساكٌ عن بعض الشهوات في النهار ثم يعقبه انهماكٌ في جميع الشهوات في الليل؛ فإن الذي نشاهده من آثار هذا الصوم إجاعةُ البطنِ، وإظماءُ الكبدِ، وفتورُ الأعضاءِ وانقباضُ الأساريرِ، وبذاءة ُ اللسانِ، وسرعةُ الانفعالِ، واتخاذُ الصومِ شفيعًا فيما لا يُحَبُّ من الجهر بالسيئ من القول، وعذرًا فيما تَبْدُرُ به البوادرُ من اللّجاج والخصام، والأيمان الفاجرة.

كَلا إن الصومَ لا يَكْمُل، ولا تَتِمُّ حقيقتُه، ولا تظهر حِكَمُهُ، ولا آثاره - إلا بالفطام عن جميع الشهوات الموزعةِ على الجوارح؛ فللأذن شهواتٌ في الاستماع، وللعين شهوات من مدِّ النظر وتسريحه، وللِّسان شهواتٌ في الغيبة والنميمة ولذاتٌ في الكذب، واللغو.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015