الحمد لله القوي العزيز الجبار، والصلاة والسلام على النبي الكريم المصطفى المختار، وعلى آله وصحبه الأخيار الكرام الأطهار، ومن اتبعهم واقتفى أثرهم ما تعاقب الليل والنهار، أما بعد:
فإن الإسلامَ دينُ القوة؛ فالمؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، والله- عز وجل- أمرنا بإعداد القوة، وجاء الثناء في القرآن الكريم على القوي الأمين.
وإن من أسرار الصيام، وآثار شهره الكريم أنه يبعث القوة في نفوس الصائمين، وهذا ما سيتبين في ثنايا هذا الحديث إن شاء الله.
أيها الصائمون الكرام: هذه الحياةُ ميدانٌ لا يفوز فيها إلا الأقوياءُ، ونحن في عصر يكاد يكون شعاره:
"إن لم تكن آكلًا فأنت مأكولٌ، وكن قويًّا تُحترم".
ثم إن القوةَ ضَربان: قوةٌ ماديةٌ، وقوة ٌمعنويةٌ، ومن مبادئ الإسلام أن القوة المادية قد تنتصر، ولكن انتصارها لا يكون طويلًا، ولن يكون مفيدًا.
ولقد قص القرآن الكريم علينا فيما قص: أن أممًا كانت قويةً في مظاهر الحياةِ الماديةِ؛ فعاثت في الأرض فسادًا، وحاربت أنبياء الله ورسله وأولياءه؛ فكانت عاقبة أمرها خسرًا.