أيها الصائمون: ومع عظم شأن الصلة، إلا أن كثيرًا من الناس مضيعون لهذا الحق، مفرِّطون فيه؛ فمن الناس من لا يعرف قرابَته بصِلة لا بالمال، ولا بالجاه، ولا بالخلق، تمضي الشهور، وربما الأعوام وهو ما قام بزيارتهم، ولا تودد إليهم بصلة أو هدية، ولا دفع عنهم حاجة أو ضرورة أو أذية، بل ربما أساء إليهم، وأغلظ في القول لهم.
ومن الناس من لا يشارك أقاربَه في أفراحهم، ولا يواسيهم في أتراحهم، ولا يتصدَّق على فقرائهم، بل تجده يقدم عليهم الأباعدَ في الصِّلات والصدقات.
ومِنَ الناس مَنْ يصل أقارِبَهُ إن وصلوه، ويقطعهم إن قطعوه، وهذا - في الحقيقة - ليس بواصل، وإنما هو مكافئٌ للمعروف بمثله، وهو حاصل للقريب وغيره، والواصلُ - حقيقة - هو الذي يتقي الله في أقاربه، فيصلهم لله سواء وصلوه أو قطعوه.
ومن مظاهر القطيعة: أن تجد بعض الناس - ممن آتاه الله علمًا ودعوة - يحرص على دعوة الأبعدين، ويغفل أو يتغافل عن دعوة الأقربين، وهذا لا ينبغي؛ فالأقربون أولى بالمعروف، قال الله - عز وجل -: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (الشعراء: 214) .