دروس رمضان (صفحة 42)

ومن أقبح صور العقوق -إن لم تكن أقبحها- تمني زوالِهما، وقَتْلُهما، والتخلصُ منهما، رغبةً في الميراث، أو رغبة في التحرُّر من أوامر الوالدين؛ فيا لشؤم هذا، ويا لَسوادِ وجهه، ويا لَسوءِ سوء مصيره إن لم يتداركه الله برحمته.

هذه بعض صور العقوق، وتلك بعض مظاهره؛ فما أبعد الخير عن عاق والديه، وما أقرب العقوبة منه، وما أسرع الشر إليه.

وهذا أمر مشاهد محسوس يعرفه كثير من الناس، ويرون بأم أعينهم، ويسمعون قصصًا متواترة لأناس خذلوا وعوقبوا بسبب عقوقهم لوالديهم.

قال الأصمعي: أخبرني بعض العرب أن رجلًا كان في زمن عبد الملك بن مروان، وكان له أب كبير، وكان الشابُّ عاقًّا بأبيه، وكان يقال للشاب منازل فقال الأب الشيخ الكبير:

جَزَتْ رحمٌ بيني وبينَ منازلٍ ... جزاءً كما يستنجزُ الدَّينَ طالبُه

تَرَبَّت حتى صار جعدًا شمردلًا ... إذا قام ساوى غاربَ الفحلِ غاربُه

تظلَّمني مالي كذا ولوى يدي ... لوى يدَه اللهُ الذي لا يغالبُه

وإني لداعٍ دعوةً لو دعوتُها ... على جبل الريان لانْهَدَّ جانِبُه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015