نحمدك اللهم أن هديتنا سُبُلَ الفلاح، ونستعين بك على إعلاء كلمة الحق والدعوة إلى الصلاح، ونصلي ونسلم على نبيك محمد الذي أنزلت إليه قرآنًا عربيًّا، وعلى كل من دعا إلى سبيلك مخلصًا تقيًّا.
أما من زاغ عن الهدى، واتخذ من المضلين عضدًا فإليك إيابه، وعليك حسابه، أما بعد:
فإن الدعوة إلى الله لمن أوجب الواجبات، وأهم المهمات، وأعظم القربات. وإن شهرَ رمضانَ لفرصةٌ سانحةٌ، ومناسبة كريمة، وأرضٌ لنشر الدعوةِ خصبةٌ، ذلكم أن القلوب في رمضان تخشع لذكر الله، وتستعد لقبول المواعظ الحسنة، وتقوى بها إرادة التوبة.
والحديث في هذه الليلة سيدور حول الدعوة إلى الله من حيث مفهومها، وفضائلها وآدابها، وما يدور في فلكها.
أيها المسلمون الكرام: الدعوة إلى الله - عز وجل - تشمل كلَّ ما يُقصد به رفعةُ الإسلام، ونشرُه بين الناس، ونفيُ ما علق به من شوائب، وردُّ كلِّ ما يغضُّ من شأنه، ويصرف الناس عنه.
والدعوة إلى الله تشمل كلَّ قولٍ، أو فعل، أو كتابة، أو حركة، أو سكنة، أو خُلق، أو نشاط، أو بذل للمال، أو الجاه، أو أي عمل يخدم الدين، ولا يخالف الحكمة.