دروس رمضان (صفحة 179)

وقال رحمه الله: (وإذا كان العبدُ مخلصًا لله اجتباه ربه، فأحيا قلبه، واجتذبه إليه، فينصرف عنه السوء والفحشاء، ويخاف من ضد ذلك، بخلاف القلب الذي لم يخلصْ لله، فإن فيه طلبًا، وإرادةً، وحبًّا مطلقًا، فيهوى كلَّ ما يسنح له، ويتشبث بما يهواه؛ كالغصن أيُّ نسيم مرَّ به عَطَفه وأماله؛ فتارة تجتذبه الصورُ المحرمةُ؛ فيبقى أسيرًا عبدًا لمن لو اتخذهُ هو عبدًا لكان ذلك عيبًا، ونقصًا، وذمًّا.

وتارة يجتذبه الشرفُ، والرئاسةُ، فترضيه الكلمةُ، وتغضبه الكلمةُ، ويستعبده مَنْ يثني عليه ولو بالباطل، ويعادي مَنْ يذمه ولو بالحق.

وتارة يستعبده الدرهمُ والدينارُ، وأمثالُ ذلك من الأمور التي تستعبد القلوبَ، والقلوبُ تهواها؛ فيتخذُ إلهَه هواه، ويتبعُه بغير هدى من الله.

ومن لم يكن خالصًا لله عبدًا له، قد صار قلبُه مُعَبَّدًا لربه وحده لا شريك له، بحيث يكون هو أحبَّ إليه مما سواه، ويكون ذليلًا له، خاضعًا، وإلا استعبدته الكائناتُ، واستولت على قلبه الشياطينُ، وصار فيه من السوء، والفحشاء ما لا يعلمه إلا اللهُ، وهذا أمرٌ ضروريٌّ لا حيلةَ فيه) . اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015