دروس رمضان (صفحة 177)

وعبوديةُ القلب، وأسرُه هي التي يترتب عليها الثواب والعقاب؛ فإن المسلمَ لو أسره كافرٌ أو استرقّه فاجرٌ بغير حق؛ لم يضرَّه ذلك إذا كان قائمًا بما يقدر عليه من الواجبات، ومن استُعْبِد بحق إذا أدّى حقَّ الله وحقَّ مواليه فله أجران، ولو أُكره على التكلّم بالكفر وقلبه مطمئن بالإيمان لم يضرَّه ذلك.

وأما من استُعْبِد قلبُه، فصار عبدًا لغير الله، فهذا يضره , ذلك ولو كان في الظاهر ملكَ الناس؛ فالحريةُ حريةُ القلب، والعبوديةُ عبودية القلب، كما أن الغنى غنى النفس.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس الغنى عن كثرة العرض؛ وإنما الغنى غنى القلب» . اهـ.

أيها الصائمون الكرام! وحين يسترسل الإنسان في تناول المسكرات والمخدرات يعبُّ منها ما تناله يده؛ حتى تتلف أعصابه وصحته، وتسلبه عقلَه وكرامتَه، أيزعم بعد ذلك أنه حر؟ ! أيوجد أبشعَ من هذه العبودية لشراب قاتل، وسموم فتاكة؟ !

وقل مثل ذلك في التهالك على المال والجاه، إن ذلك حين يستولي على قلب الإنسان ونفسه ينقلب إلى عبودية ذليلة، وكلُّ هوًى يتمكَّن من النفس حتى تكون له السيطرة على الأعمال والسلوك يفضي بصاحبه إلى عبودية ذليلة مقيتة لا نهاية لقبحها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015