الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن العزةَ خصلةٌ شريفةٌ، وخَلّةٌ حميدة، وخُلُقٌ رفيع، وأدبٌ سامٍ، تَعْشَقُها قلوبُ الكرام، وتهفو إلى اكتسابها النفوسُ الكبار.
وإن الإسلام لَدِينُ العزة والكرامة، ودينُ السموِّ والارتفاع، ودينُ الجدِّ والاجتهاد، فليس دينَ ذلةٍ ومَسْكنة، ولا دينَ كسلٍ وخمولٍ ودعة.
وإن شهرَ رمضانَ لميدانٌ فسيحٌ لاكتساب العزَّة، والتحلي بها، وذلك من وجوه عديدةٍ متنوعة؛ فالصائمُ - على سبيل المثال - ينال هذا الخُلقَ من جراء صيامه، وتركِه لطعامه، وشرابه، وشهواته المباحةِ فضلًا عن المحرمة.
وهذا يبعثه إلى الترفع عن الدنايا، ومحقرات الأمور، ويطلقه من أسر العادات، وأهواء النفوس.
وينال العزة ـ كذلك ـ من جراء بعده عن الجدال والمراء والجهل والرفث، والصخب، والإساءة إلى الناس، امتثالًا لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: «إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب» .
وفي رواية «ولا يجهل» ، وفي رواية «ولا يجادل» .
وإذا كان الصائم كذلك حفظ على نفسه عزَّتها وكرامتها، ورَفَعها عن مجاراة الطائفةِ التي تلذُّ المهاترةَ والإقذاع.