الدرس السادس عشر:
التَّلقي للتنفيذ
- قال صلى الله عليه وسلم: (إذا نهيتُكم عن شيءٍ، فاجتنبوه، وإذا أمرتُكم بأمرٍ، فأتوا منه ما استطعتم).
- قال ابن رجب: فالذي يتعيَّنُ على المسلم الاعتناءُ به والاهتمامُ أنْ يبحثَ عمَّا جاءَ عن الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ثم يجتهدُ في فهم ذلك، والوقوف على معانيه، ثم يشتغل بالتصديقِ بذلك إنْ كان من الأمور العلمية، وإنْ كان من الأمور العملية، بذل وسْعَهُ في الاجتهاد في فعل ما يستطيعه من الأوامر، واجتناب ما يُنهى عنه، وتكون همَّتُهُ مصروفةً بالكلية إلى ذلك؛ لا إلى غيره.
- وهكذا كان حالُ أصحابِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - والتابعين لهم بإحسّانٍ في طلب العلم النافع مِنَ الكتاب والسنة.
- فأما إنْ كانت همةُ السامع مصروفةً عند سماعِ الأمر والنهي إلى فرض أمورٍ قد تقع، وقد لا تقع، فإنَّ هذا مما يدخل في النَّهي، ويثبِّطُ عنِ الجد في متابعة الأمر.
- إنَّ التَّفقُّهَ في الدِّين، والسُّؤالَ عن العِلم إنَّما يُحمَدُ إذا كان للعمل، لا لِلمراءِ والجدال.
- ومِلاكُ الأمرِ كلِّه أنْ يقصِدَ بذلك وجه الله، والتقرُّبَ إليه بمعرفة ما أنزل على رسوله، وسلوكِ طَريقه، والعمل بذلك، ودعاء الخلق إليه.
- وقد روي عن عليٍّ - رضي الله عنه - أنَّه ذكر فتناً تكونُ في آخر الزَّمان. فقال له عمر رضي الله عنه: متَى ذلك يا عليُّ؟ قال:
- إذا تُفُقِّه لغير الدين.
- وتُعُلِّم لغير العمل.
- والتمست الدنيا بعمل الآخرة.
- قال ابن عمر رضي الله عنه: لا تسألوا عما لم يكن، فإني سمعتُ عمر لعنَ السَّائل عمَّا لم يكن.
- وكان زيدُ بنُ ثابتٍ إذا سُئِلَ عن الشَّيءِ يقول: كان هذا؟ فإنْ قالوا: لا، قال: دعوه حتّى يكون.
- قال الإمام مالك: المِراء والجِدال في العلم يَذهبُ بنور العلم من قلب الرجل.
- قال ابن وهب: سمعت مالكاً يقول: المراء في العلم يُقسِّي القلوب، ويورِّث الضغن.