إن الدين الإسلامي كله يسر، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام كما في البخاري وغيره: (إن هذا الدين يسر)، والله يقول: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78].
ثم إن هذا الاصطلاح: فقه التيسير وفقه التشديد، فيه نظر.
وكأن التيسير يقابل التشديد، لكن ربما اعتذر عن ذلك أنه في باب التقابل، فيسهل الأمر.
إذاً: الأصل في شأن الأمة هو التيسير، لكن ينبغي أن لا يكون التيسير مخالفاً للسنة؛ لأن الشارع لما قال: (إن هذا الدين يسر) قال بعدها: (فسددوا)، ومعنى السداد: إصابة الشيء، تقول: تسدد السهم، إذا أصاب غرضه وهدفه.
والمعنى: أي: تقصدوا الحق واقصدوه وانتهوا إليه، ولكن لعلمه عليه الصلاة والسلام أن تحصيل الحق في كل جزئيات الشريعة قد لا يلزم أن يكون بيناً بياناً تاماً قال: (فسددوا وقاربوا)، فالمسألة مسألة مقاربة.
فإذا ما فسر التيسير بالتسديد، أو باتباع السنن والآثار وهدي الأئمة المرضيين، مع قصد من المقاربة والتخفيف على الناس، وتحصيل فقه الشريعة؛ فإن هذا هو التيسير الشرعي، وهو محمود ولا يجوز ذمه لسبب من الأسباب.
أما إذا استعمل التيسير على معنى المراعاة لأمور ما كان من مقاصد الشريعة أن تراعى؛ فلا شك أن هذا تيسير بعيد عن الشريعة، وهو ليس منها، والشريعة منه براء.