المسألة التاسعة: الامتياز والشمول

إذا ذكر منهج أهل السنة والجماعة فإنه يسمى: مذهب السلف، فهل كلمة السلف موجودة في القرآن؟ الجواب: لا، لكنها تسمية مناسبة؛ لأنه لما ظهرت البدع في هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم، في آخر عصر الخلفاء الراشدين وما بعد ذلك، أصبحت هذه التسمية -أي: السلف- من التسميات التي يقصد بها التمييز، أي: أن أصحاب هذه الكلمة أو هذه العقيدة يقتدون بسلف هذه الأمة، الذين هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله شرع ذلك فقال: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة:100].

إذاً يقصد بالسلف هذا المعنى: الصحابة، وإذا قيل: عقيدة السلف، فهي عقيدة الصحابة.

كما ينبغي أن يُعنى بالتمييز، أي: تمييز السنة وأهلها من غير السنة، فينبغي أيضاً أن يُعنى بالشمول؛ لأن الملتزمين بهذه العقيدة، المستقيمين عليها، كما أنهم يسمون: سلفيين، فإنهم يسمون كذلك: مسلمين؛ لأن هذا اسم شرعي، والله تعالى يقول عن إبراهيم: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا} [آل عمران:67] فهذا اسم شرعي لا يجوز تركه، فهم مسلمون، مؤمنون، صالحون

إلخ، فالأسماء الشرعية لا يجوز هدم شيء منها، فكما أنهم يسمون أهل السنة، أو يسمون: أتباع السلف، أو أتباع الصحابة، فإنهم يسمون كذلك بالمسلمين، وما إلى ذلك.

وإن كانت بعض هذه الأسماء يشركهم فيها غيرهم، فهذا لا يوجب تعطيل الاسم الشرعي، كما يقول بعض الناس: لا تتسموا بالمسلمين؛ لأن السني والبدعي يسمى مسلماً، فالاسم الشرعي لتضمنه حقيقة شرعية؛ لا يجوز إسقاطه أو هجره لمجرد أن المخالف تسمى به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015