الصدق العبادي الذي هو الإخلاص: أن لا يكون مقصودك من كلامك في تقرير العقيدة، أو في الرد على المخالف، أو في مناظرته ونحو ذلك - أن لا يكون المقصود هو العلو في الأرض؛ لأن العلو في الأرض ما ذكره الله إلا شأناً من شئون الكفار، وليس لكل الكفار، وإنما لبعض الغلاة من الكفار؛ كفرعون وغيره، أما المؤمنون، فإن الله سبحانه وتعالى قد وصفهم بنوع من العلو، لكنه العلو الإيماني، وليس العلو السفلي، قال الله تعالى: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ} [آل عمران:139] وقال عن فرعون: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ} [القصص:4].
فينبغي أن يكون مقصودك لما تقوله من التقرير للعقيدة، أو من الرد على المخالف الإخلاص والصدق العبادي، وأن يهتدي الناس بذلك، ولذلك فإن المخالفين للسنة والجماعة كما أنه يشرع الرد عليهم، يشرع كذلك في حقهم الدعوة.
ومن العجب أن نرى بعض الناس يقرر مسألة دعوة غير المسلمين إلى الإسلام، ولا يلقي بالاً لدعوة أهل البدع، وردهم عن ضلالهم، وإذا كان غير المسلمين يُدعون إلى الإسلام، والله تعالى قد بعث الرسل يدعون الناس إلى دينه، ويدعون الكفار، فمن باب أولى أن يكون لمن ضل من عباد الله المسلمين من أهل القبلة بشيء من البدع، أن يكون لهم مقام من الدعوة؛ لأن الدعوة إلى دين الله من تحقيق العبودية لله، بغض النظر عن درجة استجابتهم، أما من يقول: إنهم لا يستجيبون، ويأتيك بكلمة عن زيد أو عمرو: أن المبتدع لا يستجيب، ولا يرجع عن بدعته، فإن هذا تخرَّص على الديانة.
فكل من أخطأ الحق، فإنه يجب دعوته، وإقامة حجة الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم عليه، سواء كان مسلماً ضل، أو كان غير مسلم.