ومع موسى مرة أخرى، فقد وعد الله عز وجل قومه أن يدخلوا الأرض المقدسة، فيذكرهم موسى بوعد الله، ويعدهم بأن يتحقق لهم النصر بشرط أن يدخلوا الباب، {فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ} [المائدة:23]، فيمتنع القوم، ويستكبرون عن الدخول، وحين لم تجد هذه المحاولات مع أولئك الجبناء، ومع أولئك الذين قالوا لموسى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة:24]، قال موسى: {رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة:25].
نعم، حين يتخلى الناس عن الأمانة، وحين يتخلى الناس عن القيام بهذا الدور، ماذا يصنع موسى؟ لقد شكا إلى ربه فقال: ((إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي)).
أما هؤلاء فقد شعروا أن القضية لا تعنيهم، وإنما تعني موسى وربه، فقالوا: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة:24]، وقالوا: {إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ} [المائدة:22].