الغيبة بالمحاكاة

قالت عائشة رضي الله عنها: (وحكيت له إنساناً فقال: ما أحب أني حكيت إنساناً وأن لي كذا وكذا).

فقوله: (ما أحب) يعني: ما أود (أني حكيت إنساناً) أي: فعلت مثل فعل أحد.

يعني: ما أحب أن أتحدث بعيب أحد سواء أكان هذا الحديث قولياً أم فعلياً.

وقولها: (وحكيت له إنساناً) بمعنى: حاكيت.

أي: فعلت مثل فعله.

أي: قلدته فمثلت بشخصه، وفعلت نفس حركته أو مشيته أو كلامه.

يقال: حكاه، وحاكاه.

وأكثر ما تستعمل المحاكاة في القبيح، ولو حملنا قوله: (ما أحب أني حكيت إنساناً) على المعنى الحسن -أي: المحاكاة الحسنة- فيكون هذا إشارة إلى المبالغة، أي: إن كان النبي صلى الله عليه وسلم زجر في المحاكاة الحسنة وقال: (ما أحب أني حكيت إنساناً) فكيف بالمحاكاة في الأفعال القبيحة؟! قوله: (وأن لي كذا وكذا) هذه جملة حالية، يعني: لا أحب أني أقلد إنساناً، أو أمثل بشخص فلان، أو أقلد حركاته (وأن لي كذا وكذا) أي: ولو أعطيت كذا وكذا من الدنيا.

يعني: حتى لو وزن لي من المال أو من الدنيا الشيء العظيم حتى أقوم بفعل المحاكاة ما أحب ذلك، ولا أقبل ذلك.

قال الإمام النووي رحمه الله: من الغيبة المحرمة المحاكاة، بأن يمشي متعالياً أو مطأطئاً رأسه أو غير ذلك من الهيئات.

فالإنسان لا يقلد شخصاً فيحاكيه في حركاته أو في مشيته.

وقال -أيضاً- رحمه الله تعالى: هذا الحديث من أعظم الزواجر عن الغيبة أو أعظمها، وما أعلم شيئاً من الأحاديث بلغ في ذمها هذا المبلغ.

وما ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015