Q هل السلفيون هم أهل السنة والجماعة، وما حكم من يطلق هذا الاسم تعصباً على غيرهم؟
صلى الله عليه وسلم السلفيون هم أهل السنة والجماعة ولا يستطيع أحد أن ينازعنا في هذا الاسم، لأن أهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية الذين جاء وصفهم في هذا الحديث: (وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة هي الجماعة)، وهم جماعة المسلمين إذا اجتمعوا على إمام، وكذلك إجماع المؤمنين، وأي معنى من معاني الجماعة لابد أن نلتزمه.
فأهل السنة والجماعة اسم لا يختلف عليه، وإذا ادعيناه لأنفسنا فنحن نملك السند الذي يثبت استحقاقنا لهذا الوصف، وهو أن عقيدتنا عقيدة أهل السنة والجماعة التي تميزت عن أهل البدع والافتراق، فأهل السنة والجماعة هم من كان منهجهم منهج الصحابة، وسلوكهم في فهم الإسلام سلوك الصحابة.
والألقاب إذا لم يخش منها تلبيس الحقائق على الناس فلا بأس بها، بدليل أن الإسلام يعرف الألقاب ويعرف الصفات، هناك لقب المهاجرين ولقب الأنصار، وهناك سيف الله المسلول خالد بن الوليد لقبه به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهناك أمين الأمة أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، وهناك الصديق أبو بكر، وهناك الفاروق عمر، وهناك ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه.
المقصود أن الألقاب عرفت في الإسلام، وأشرف هذه الألقاب كما نعلم المهاجرون والأنصار، فمدح الصحابة رضوان الله عليهم بهذا الوصف في القرآن قال عز وجل: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة:100]، والسابق هو: الذي سلف وتقدم، فهؤلاء هم السلف، والذي ينتسب إليهم ويمشي على طريقتهم هو السلفي، فهذا معنى كلمة (السابقون).
وقال تعالى: {فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلآخِرِينَ} [الزخرف:56]، سَلَفًا: أي: متقدمين عليهم هذا معنى السالف.
فالسلفية ليس معناها الرجوع إلى الوراء كما يزعم أعداء الإسلام بأنها رجعية ورجوع إلى الوراء، بل السلفية هي ارتفاع ورقي إلى مستوى السلف حيث شكلوا النموذج الأعلى لفهم الإسلام وتصديقه والجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى.
وإذا استعملت كلمة المهاجرين والأنصار استعمالاً جاهلياً عصبياً فحينئذ تسمى جاهلية، رغم أن اللقب شريف، لكن إن استعمل في غير موضعه فقد نبذه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال: (كسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار -ضربه على مؤخرته- فصاح فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فغضب، فقال: ما بال دعوى الجاهلية! دعوها فإنها منتنة) فسمى التنادي باللقب الشريف في غير موضعه دعوى الجاهلية؟ والرسول عليه الصلاة والسلام قال في حديث آخر في خطبة الوداع: (كل شيء من أمر الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين).
وقال عليه الصلاة والسلام أيضاً: (ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية) وهذه دعوة جاهلية تفرق المسلمين.
أيضاً: أمر بترك التنادي بهذه الألقاب فقال: (دعوها)، وعلل الحكم بقوله: (فإنها منتنة) يعني: خبيثة، وجاء في صفة النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل أنه يحرم عليهم الخبائث، ومن الخبائث التنادي بالعصبية، كأن يقال: هذا مصري، وهذا يمني، أو هذا سوداني، وهذا ليبي، وهذا عراقي.
كل هذه العصبيات جاهلية، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا إنما هم فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعل الذي يدهده الخراء بأنفه، إنما الناس رجلان: رجل تقي وفاجر شقي؛ كلكم لآدم وآدم خلق من التراب).
فالإسلام يحارب هذه العصبيات التي تفرق المسلمين، فإن كانت العبارة موهمة أو استعملها بعض الناس استعمالاً سيئاً فهو مخطئ.