قال ابن القيم رحمه الله: أخبرني رجل عن قرابة له أنه حضره عند الموت، وكان تاجراً يبيع القماش، قال: فجعل يقول: هذه قطعة جيدة، هذه على قدرك، هذه مشتراها رخيص يساوي كذا وكذا، حتى مات.
والحكايات في هذا كثيرة جداً كما يقول الإمام ابن القيم، فمن كان مشغولاً بالله وبذكره ومحبته في حال حياته وجد ذلك أحوج ما هو إليه عند خروج روحه إلى الله، ومن كان مشغولاً بغيره في حال حياته وصحته فيعسر عليه اشتغاله بالله وحضوره معه عند الموت؛ ما لم تدركه عناية من ربه.
ولأجل هذا كان جديراً بالعاقل أن يلزم قلبه ولسانه ذكر الله حيثما كان لأجل تلك اللحظة، كما قال عليه الصلاة والسلام: (إخواني! لمثل هذا اليوم فأعدوا)، إذا عودت قلبك الذكر فإنك توفق وتسهل عليك هذه الكلمة في أحوج لحظة أنت محتاج إليها فيها.
وأنا أعرف بعض الناس كان يواظب على الذكر حتى وهو نائم، فكان يسمع صوته وهو يذكر الله سبحانه وتعالى، فمن أدمن الذكر غلب عليه الذكر، وكان قريباً من الله تبارك وتعالى، فإذا فاتته كلمة لا إله إلا الله في تلك اللحظة أو ختم له بالسوء شقي شقاوة الأبد، فنسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
قال موسى عليه السلام: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا} [طه:29 - 35].
ولولا أن الذكر محتاج لمعونة لما قال عليه الصلاة والسلام: (أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك).
أما ما ظهر عند التغسيل فكثير أيضاً، يقول الشيخ القحطاني في محاضرة له: إن بعض الأموات عندما كنت أغسلهم كان بعضهم تنقلب بشرته إلى السواد، وبعضهم يقبض يده اليمنى، وبعضهم يدخل يده في فرجه، وبعضهم يشم رائحة الإحراق تخرج من فرجه، وبعضهم تسمع كأن أسياخاً من نار قد أدخلت في فرجه، ولقد جيء بميت فلما ابتدأنا بتغسيله؛ انقلب لونه كأنه فحمة سوداء، وكان قبل ذلك أبيض البشرة، فخرجت من مكان التغسيل وأنا خائف، فوجدت رجلاً واقفاً فقلت: هذا الميت لكم؟ قال: نعم.
قلت: أنت أبوه؟ قال: نعم.
قلت: ما شأن هذا الرجل؟ قال: هذا الرجل كان لا يصلي.
فقلت له: خذ ميتك فاغسله.
ولقد حدثني عدد ممن يغسلون الموتى من مناطق مختلفة عن بعض ما شاهدوه أثناء التغسيل من هذه العلامات.
وإذا حضر الإنسان ميتاً ورأى شيئاً من هذه العلامات فينبغي ألا ينشرها إذا كانت علامات سيئة؛ بل ينبغي عليه أن يستر على ذلك الميت، ويمكن أن يحكي ذلك دون أن يعين شخصاً أو يفهم الناس من المقصود، لذلك يستحبون أن يقوم بالتغسيل رجل صالح فقيه؛ لأنه إذا رأى خيراً نشره وإذا رأى شراً ستره.
فليس معنى ما نحكيه من هذه الأشياء أنه إذا حضر أحدنا تغسيل شخص يخرج ويقول: رأيت كذا وكذا من علامات السوء، إذا رأى شراً يستره، وإذا رأى خيراً ينشره، أما إذا حكى في بعض المجالس للتذكير دون أن يعين وبدون أن يفهم منه من هو ذلك الشخص؛ فلا بأس بذلك للعبرة.